للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى الكلام على شروط‍ الاقرار بيان وايضاح هذه القيود.

[هل الاقرار انشاء أو اخبار]

جاء فى المرجعين السابقين. أن الاقرار ليس انشاء بل هو اخبار واظهار لما هو ثابت فى نفس الأمر. فاذا قال المقر: هذه الدار لفلان. كان ذلك اظهارا منه، والدار فى الواقع ونفس الامر ملك فلان هذا ..

وانما صح اضافة المقر به الى نفس المقر مما يقر بملكيته له فى الواقع كأن يقول: عبدى هذا أو دارى هذه ملك فلان لأن الاضافة هنا لأدنى ملابسة .. وليست اضافة ملك فلا يتنافى الاقرار بملكيته هذا المقر به للمقر له (١).

[حجية الاقرار]

واعتبار الاقرار حجة يثبت بها الحق والاصل فيه الكتاب والسنة والاجماع والمعقول.

أما الكتاب: فيقول الله تبارك وتعالى:

«واذ أخذ الله ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه.» «قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم اصرى. قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين». وقوله تعالى: «وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم ان الله غفور رحيم» وقوله تعالى:

«واذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم. ألست بربكم. قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين».

وأما السنة: فما روى ان ماعزا اقر بالزنا فرجمه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وكذلك الغامدية .. وفى قصة العسيف قال:

وأغد يا أنيس على امرأة هذا فان اعترفت فارجمها. فقد رتب صلّى الله عليه وسلّم الحكم وهو الرجم على الاقرار. ولولا انه حجة مثبتة لما رتبه عليه.

واما الاجماع. فقد اجمعت الأمة الاسلامية من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عصرنا هذا على صحة الاقرار واعتباره حجة كافية فى اثبات الحقوق والاحكام.

واما المعقول فان الاقرار اخبار على نفس الشخص المقر على وجه ينفى عنه التهمة والريبة. فان العاقل لا يكذب على نفسه كما يضر بها. ولهذا كان آكد من الشهادة.

فان المدعى عليه اذا اعترف لا تسمع عليه الشهادة وانما تسمع اذا انكر. وكذب المدعى بينته لم تسمع وان كذب المقر له المقر ثم صدقه صح الاقرار وسمع (٢).

[ما به يكون الاقرار]

يكون الاقرار باللفظ‍ أو بالكتابة أو بالاشارة:

[اللفظ‍]

واللفظ‍ هو الاساس فى التفاهم والاعراب عما فى النفس. وفى دلالته على الاقرار تارة يكون صريحا. كقوله: لفلان على أو عندى ألف درهم. أو ثوب أو عبد أو نحو ذلك. ومن الألفاظ‍ الصريحة فى الاقرار أن يكون اللفظ‍ بحسب وضعه اللغوى والا


(١) كشاف القناع ج‍ ٤ ص ٢٩٠ وشرح منتهى الإرادات ج‍ ٤ ص ٣٣٥.
(٢) كشاف القناع ج‍ ٤ ص ٢٩١ وشرح المنتهى ج‍ ٤ ص ٣٣٥ من الشرح الكبير - ج‍ ٥ ص ٢٧١.