للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا إذا كانت الزيادة قائمة في يد المشترى، فأما إذا كانت هالكة فهلاكها لا يخلو من أن يكون بآفة سماوية أو بفعل المشترى أو بفعل أجنبى: فإن كان بآفة سماوية له أن يرد الأصل بالعيب وتُجعل الزيادة كأنها لم تكن، وإن كان بفعل المشترى فالبائع بالخيار إن شاء قبل وردَّ جميع الثمن وإن شاء لم يَقبل ويرد نقصان العيب، سواء كان حدوث ذلك أوجب نقصانًا في الأصل أو لم يوجب نقصانًا فيه؛ لأن إتلاف الزيادة بمنزلة إتلاف جزء متصل بالأصل؛ لكونها متولدةً من الأصل، وذا يوجب الخيار للبائع، وإن كان بفعل أجنبى ليس له أن يرد؛ لأنه يجب ضمان الزيادة على الأجنبى، فيقوم الضمان مقام العين قائمة فيمتنع الرد ويرجع بنقصان العيب (١).

[مذهب المالكية]

جاء في (الشرح الكبير): وَرُدَّتْ زيادة زادها أحدهما على الأصل حيث وقعت بعده أي بعد عقد الصرف بأن لقى صاحبه فقال له: استرخصتَ منى الدينار فزدنى لعيبه أي لوجود عيب في أصل الصرف؛ لأنه للصرف زاده فَتُردِ لرده كالهبة بعد البيع للبيع، فتُرد إن رُدت السلعة بعيب، لا ترد الزيادة لعيبها أي لوجود عيب بها فقط، وهل عدم ردها لعيبها مطلقًا عَينَّها أم لا أوجبها أم لا كما هو ظاهر (المدونة) وهو المذهب؛ فما في (الموازية) من أن له الرد وأخْذ بدل المزيد الزائف مخالف لها أو محل عدم ردها لعيبها إلا أنْ يوجبها الصيرفى على نفسه فتُرد وحدها ومعنى إيجابها أن يعطيها له بعد قوله: نقصتنى عن صرف الناس فزدنى ونحوه، وإن لم يقل له نعم أزيدك أو أن يقول له - بعد قوله عن صرف الناس -: أنا أزيدك، وأولى إن اجتمع طلب الزيادة مع قوله: أزيدك. فإن عَدِمَا لم يكن إيجابًا أو محل عَدَم ردها لعيبها إن عُينت كهذا الدرهم، وإن لم تُعَيَّنْ كأزيدك درهمًا، جاز ردها وأخذ البدل عليها، فما في (الموازية) وفاقٌ لها تأويلات، وفُهم من قوله: (بعده) أنها لو كانت في العقد تُرد لعيبه وعيبها (٢).

[مذهب الشافعية]

جاء في (مغنى المحتاج): أن الزيادة المتصلة بالمبيع أو الثمن كَالسِّمَنِ وكبر الشجرة وتعلم الصنعة والقرآن تتبع الأصل في الرد لعدم إمكان إفرادها؛ ولأن الملِك قد تجدد بالفسخ فكانت الزيادة المتصلة فيه تابعة للأصل كالعقد. والمنفصلة عينًا ومنفعةً كالولد والأجرة وكسب الرقيق والركاز الذي يجده وما وهب له فقبله وقبضه وما وُصِّى له به فقبله ومهر الجارية إذا وُطِئَت بشبهة لا تمنع الرد بالعيب عملًا بمقتضى العيب.

والزيادة المنفصلة من البيع للمشترى ومن الثمن للبائع إن رد المبيع في الأولى والثمن في الثانية بعد القبض سواء أَحَدَثَ بعد القبض أم قبله (٣).

[مذهب الحنابلة]

جاء في (المغنى): الزيادة المنفصلة كالولد والثمرة والكسب لا تمنع الرجوع بغير خلاف بين أصحابنا وسواء نقص بها المبيع أو لم ينقص، إذا كان نقص صفة والزيادة للمفلس. هذا ظاهر كلام الخرقيِّ؛ لأنه منع الرجوع بالزيادة المتصلة لكونها للمفلس فالمنفصلة أولى.


(١) بدائع الصنائع: ٥/ ٢٨٦ - ٢٨٧.
(٢) الشرح الكبير: ٣/ ٣٦، ٣٧.
(٣) مغنى المحتاج: ٢/ ٤٤٧.