الأولى اذا أبرأ المحتال المحتال عليه فرده لم يرتد بالرد.
الثانية: اذا قال المدين: أبرئنى فرده لا يرتد.
والثالثة: اذا أبرأ الطالب الكفيل فرده لم يرتد وقيل يرتد.
الرابعة: لو قبله ثم رده لم يرتد.
وهذه المسائل الأربعة ليست مستثنيات فى الواقع، لأن الأولى والثالثة - الحوالة والكفالة قد تقدم أنهما من الاسقاط المحض وليستا من الابراء، وأما الثانية والرابعة، فلأن المدين قد قبل الابراء فعلا فى الرابعة، وبذلك سقط حقه فى الرد فلا يملك أن يعود اليه، وكذلك فى الثانية بطلبه الابراء يكون قد قبله ورضى به فأسقط حقه فى الرد والساقط لا يعود وكذلك الحكم فى المذاهب الأخرى بالنسبة للاسقاطات المحضة.
أما الاسقاط الذى فيه معاوضة كالطلاق والعتق والعفو نظير بدل فانه يرتد بالرد ما لم يسبق قبول أو طلب ولا خلاف فى ذلك أيضا.
بقى الابراء من الدين بالاسقاط أو بهبته للمدين وقد اختلف الفقهاء فى ذلك.
[مذهب الحنفية]
ذهب الحنفية الى أنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك وهل يشترط لصحة الرد وترتب أثره عليه أن يكون الرد فى مجلس الابراء فلو رد بعد انتهاء المجلس لا يصح ولا يؤثر. أو لا يشترط ذلك فيصح الرد ولو كان بعد المجلس؟ خلاف.
نقل ابن عابدين عن الشرنبلالى أن المشايخ قد اختلفوا فى اشتراط الرد لصحة الابراء. واتفقوا على أنه يشترط لصحة الرد أن لا يسبقه قبول من المبرأ للابراء ولا طلب كذلك فلو قبل الابراء أو طلبه من الدائن ثم رده بعد ذلك لا يصح ولا يقبل منه ولو كان فى مجلس الابراء لما أوضحناه فيما سبق.
ويصح عند الحنفية ابراء المدين بعد موته. واختلفوا هل يرتد برد الوارث أولا.
ذهب أبو يوسف الى أن للوارث رد الابراء كما كان للمورث لأنه خليفة عنه فيما يتعلق بالتركة. وهذا الحق ثابت للمورث بالاتفاق فيثبت للوارث كذلك بالخلافة.
وذهب محمد الى أنه ليس للوارث حق الرد لأنه يثبت للمورث باعتبار ما فيه من معنى التمليك. والابراء بعد الموت ليس فيه تمليك لأحد اذ هو للتركة ويلزمه العفو عن الميت (١).
(١) الاشباه والنظائر وفتح القدير والعناية وتكملة ابن عابدين على الدر المختار ج ٢ ص ٤٣٧ من باب دعوى الدين والفتاوى الهندية ج ٤ ص ٣٨٤.