وجاء فى تذكرة الفقهاء (١): أنه تصح الوصية بالمنافع كخدمة عبده وغلة داره وسكناها وثمرة بستانه التى ستحدث سواء أوصى بذلك فى مدة معلومة أو بجميع الثمرة والمنفعة فى الزمان كله عند علمائنا أجمع - وهو قول عامة أهل العلم، ولو قال أوصيت لك أن تسكن هذه الدار وبأن يخدمك هذا العبد فهو اباحة عندهم لا تمليك بخلاف قوله أوصيت لك بسكناها وخدمته.
[مذهب الإباضية]
اختلف علماء الإباضية فى الايصاء بالمنافع كسكنى دور وغير ذلك.
فقيل يجوز مطلقا، لأن المنفعة كنفس المال وهى ولو لم توجد لكن تعلقت الوصية لوجودها.
قال الشيخ محمد بن يوسف صاحب شرح النيل: وجواز الوصية بالمنفعة هو الصحيح عندى، وأحاديث العمرى والرقبى نص فيه.
وقيل لا يجوز مطلقا، لأن المنفعة معدومة والمعدوم غير مملوك، فاذا أوصى بها فقد أوصى بما لم يملك وكأنه أوصى بمال الغير.
وقيل أن أجل جاز وان لم يؤجل لم يجز، فمن أوصى بسكنى داره عشر سنين أو أقل أو أكثر أو بغير ذلك بتأجيل فمات الموصى فلا يحكم للموصى له بذلك سواء أجل أو لم يؤجل ولزم الوارث كله عند الله.
وأجاز بعضهم أن الحكم بذلك كله أيضا كما جاز له عند الله، وقيد الجواز ولزوم الوارث بما اذا وسعه الثلث، لأنه ان لم يسعه الثلث لم يلزم الوارث كله عند الله، ولم يجزه ذلك البعض كله بل يلزمه بعضه فيما بينه وبين الله ويجيز ذلك البعض بعضه فقط، ويأخذ الموصى له المنفعة من السكنى وغيرها فى السنين التالية لموته أن عين الموصى أنها بعد موته باتصال أو لم يعين أنها بعده باتصال ولا بانفصال ولم يبين أنها بعده كما يشاء باتصال أو انفصال وان عين فعلى ما عين، وكذا كل مدة أقل من السنة.
وان ترك السكنى فى عشر السنين أو فى بعضها أو أخذ من الموصى له محل الخدمة والسكنى ومثلهما سائر المنافع أو منعا لا بالوارث فى المدة أو فى بعضها لم يكن له بعد الاعوام العشرة شئ، أما لو منعه الوارث أو أخذه لزمه أن يجدد له ما فات.
وقيل ان لم يعين الموصى السنين التالية لموته بل أطلق فله عدده فيما بعدها كما اذا خيره بين التعقيب والتأخير أو أوصى له على التأخير، ولا خلاف أن عين التالية فى أنه لا شئ له بعدها.
(١) تذكرة الفقهاء لجمال الدين بن محمد بن يوسف الحلى ج ٢ ص ٤٠٥ الطبعة السابقة.