للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اقتراع - وقرعة]

[التعريف بالاقتراع وبالقرعة وبكيفيتها]

- دليل مشروعيتها - موقف الفقه الاسلامى منها ومن اعتبارها وسيلة للاثبات:

[أولا: التعريف بالاقتراع وبالقرعة وبكيفيتها]

الاقتراع هو الاختيار والاشتراك فى القرعة ويقال له: «الاستهام» أيضا، ويبدو أن ذلك بسبب ما كان يغلب على اجراء القرعة فى القديم من استعمال السهام، أو لأن الاقتراع يجرى عادة بين نصيبين أو أكثر، والنصيب يطلق عليه السهم. عادة. أما الاقراع «فهو اجراء القرعة، وكذلك الاسهام. واما أصل قرعة فهو من فعل: (قرع يقرع) من باب قطع يقطع وجمع يجمع ومعناه: الطرق والضرب وذلك لان اجراء القرعة كان فى المعتاد يجرى بطرق السهام او ما يشبهها وضربها ليخرج السهم الفائز منها بالقرعة وقد تسمى بالسهمة عند بعض الفقهاء مثل ابن رشد وأصل السهمة النصيب، كما جاء فى قول عبيد بن الابرص قد يوصل النازح النائى وقد يقطع ذو السهمة القريب.

وقد تحدثت كتب الفقه الاسلامى عن صور أخرى لاجراء القرعة مثل: وضع رقاع من الورق او نحوه تمثل الجوانب المختلفة التى تجرى بينها القرعة ثم تغلف بالطين او بالشمع او نحوهما، ثم تجفف بحيث تنتهى فى الظاهر الى اشكال متشابهة، ونسمى القطعة من هذه القطع: (بندقة) وهناك صور اخرى مماثلة لا تخرج كلها عن هذا المعنى وهو: اخفاء مضمون القرعة بشكل او آخر كاستعمال الخواتيم او ما يرمز للمشتركين فى القرعة على نحو ما، والمهم هو عنصر السرية والخفاء حتى لقد نص على أن يقوم بالسحب والاختيار شخص لم يكن حاضرا عملية الاخفاء لضمان السرية وسلامة القرعة (١).

[ثانيا دليل المشروعية]

وردت فى القرآن الكريم اشارتان للقرعة كأمر معروف سبق اتباعه لدى رسولين سابقين هما: يونس وزكريا عليهما السّلام. اما يونس: {فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} (٢) أى فاقترع فأخرجته القرعة. واما زكريا: فيقول عنه القرآن وعن قومه حين اقترعوا بالقاء الاقلام - كوسيلة من وسائل اجراء القرعة - على كفالة مريم والقيام بتربيتها: {وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} (٣) «وواضح ان الاستدلال باشارة القرآن الى القرعة فى هذين الموضعين على مشروعيتها فى شرعنا الاسلامى انما يقوم على مبدأ اصولى وهو: ان «شريعة من قبلنا يعتبر شريعة لنا ما لم يرد فى شريعتنا ما ينسخها، ولم يرد فى الاسلام نهى صريح صحيح عن القرعة فتبقى مشروعيتها فى


(١) انظر أساس البلاغة للزمخشرى مادة:
قرعة والقاموس المحيط‍ باب العين فصل القاف والمختار من صحاح اللغة مادة قرع طبعة الشعب ج ٧ ص ٣٣٦ وتفسير القرطبى طبعة الشعب ج ١ ص ١٣٢٩ والطرق الحكمية فى السياسة الشرعية طبعة أنصار السنة المحمدية ص ٢٩١، ٢٩٢ وبداية المجتهد ونهاية المقتصد طبعة الحلبى الثالثة ج ٢ ص ٢٦٧، ٢٦٨.
(٢) سورة الصفات الاية ١٤١.
(٣) سورة ال عمران الانة ٤٤ وأنظر تفسير الايتين لدى القرطبى، أو ابن كثير ثم أنظر الجامع الصحيح للبخارى طبعة الشعب ج ٣ ص ٢٣٧ وكذلك الام ج ٧ ص ٣٣٦ - ٣٣٨.