للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرائع السابقة قائمة لدينا، وقد اشار القرآن الكريم الى هؤلاء الرسل السابقين فقال: «أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ ١ اقْتَدِهْ» ولكن هذا المبدأ الاصولى لم يسلم من مخالفة بعض العلماء له وجدالهم فيه (٢).

لكننا نجد الدليل بل الادلة الواضحة القوية على مشروعية الاقتراع والقرعة فى صحيح السنة النبوية، بل أن الامام البخارى قد عقد بابا خاصا بعنوان: باب القرعة فى المشكلات مبتدئا بالاستشهاد بالايتين القرآنيتين اللتين اسلفناهما، ثم راويا لطائفة من الاحاديث النبوية الصحيحة فى شأن القرعة (٣). كما نجد احاديث اخرى لرواة اخرين، فضلا عن أثار سلفية قوية، نكتفى بعرض هذه الطائفة منها جميعا، روى عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال: عرض النبى صلّى الله عليه وسلّم على قوم اليمين فأسرعوا (٤) فأمر صلّى الله عليه وسلم ان يسهم بينهم. انهم يحلف ومدلول هذا الحديث: الامر باجراء القرعة بين المتسابقين الى حلف اليمين. وروى عن خارجة ابن زيد الانصارى (٥). أن ام العلاء امرأة من نسائهم قد بايعت النبى صلّى الله عليه وسلم أخبرته ان عثمان بن مظعون طار له (٦).

سهمه فى السكنى حين اقرعت الانصار سكنى المهاجرين، قالت ام العلاء: فسكن عندنا عثمان بن مظعون، فاشتكى (٧) فمرضناه حتى اذا توفى وجعلناه فى ثيابه، دخل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب (٨). فشهادتى عليك لقد أكرمك الله، فقال لى النبى صلّى الله عليه وسلم: وما يدريك ان الله اكرمه؟ فقلت: لا ادرى بأبى انت وامى يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما عثمان فقد جاءه والله اليقين، وانى لارجو له الخير، والله ما ادرى وانا رسول الله ما يفعل به. ومدلول هذا الحديث: وقوع القرعة بين الانصار بعلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واقراره على ايواء المهاجرين بعد ان تسابقوا الى ايوائهم وتنافسوا فيه كرما وفضلا (٩). وروى عروة بن الزبير (١٠). عن عائشة رضى الله عنها انها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد سفرا اقرع (١١). بين نسائه فايتهين خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها. ومدلول هذا الحديث:


(١) سورة ال عمران الاية رقم ٤٤
(٢) انظر اللمع فى فصول الفقه لابى اسحاق الشيرازى الطبعة الثالثة ص ٣٥ والمستصفى من علم الاصول للغزالى الطبعة الاولى ج ١ ص ١٣٢، ١٣٣ ونيل الاوطار الطبعة الثالثة ج ٧ ص ١٩.
(٣) البخارى الجامع الصحيح ج ٣ ص ٣٣٣
(٤) انظر اساس البلاغة للزمخشرى مادة الشوكانى نيل الاوطار ج ٨ ص ٣١١.
احد الائمة التابعين فى الصدر الاول والمشهورين باسم الفقهاء السبعة.
(٥) اى من نساء الانصار.
(٦) وفى رواية طار لهم أى لاسرتها وقومها.
أى مرض.
(٧) وفى كنية عثمان بن مظعون.
(٨) البخارى المرجع السابق ص ٢٣٨.
(٩) احد الفقهاء السبعة أيضا.
(١٠) أى أجرى القرعة بينهم.
(١١) انظر الجامع الصحيح للبخارى ج ٣ ص ٢٣٨، ج ٤ ص ٤٠، ج ٥ ص ١٤٨ والام ج ٧ ص ٣٣٧ وسنن ابو داود طبعة الحلبى الطبعة الاولى ج ٣ ص ٤٦٣ وزاد المعاد فى هدى خير العباد لابن الغيم طبعة المطبعة المصرية ج ٤ ص ١٩، ٢٠ هـ‍ ونيل الاوطار للشوكانى ج ٦ ص ٢٣١ وسبل السّلام شرح بلوغ المرام من أدلة الاحكام للضعانى طبعة ثالثة للماكتبة التجارية ج ٣ ص ١٩٩، ٢٠٠.