للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحث مصطلح "أمن"

[التعريف في اللغة]

أمن مصدر الفعل أمن جاء في لسان العرب (١) أمن: الأمان والأمانة بمعنى وقد أمنت فأنا آمن وأمنت غيرى من الأمن والأمان. والأمن ضد الخوف والأمانة ضد الخيانة والإيمان ضد الكفر. والإيمان بمعنى التصديق ضده التكذيب يقال: آمن به قوم وكذب به قوم. فأما آمنته المتعدى فهو ضد أخفته. وفى التنزيل العزيز. {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٢)}. ابن سيده: الأمن نقيض الخوف، أمن فلان بأمن أمَنًا وأمْنا، حكى هذه الزجاج وأمَنةً وأمانا فهو أمِنْ. والأمنة: الأمن ومنه: أمنة نعاسا. {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} (٣) نصب أمنةً لأنه مفعول له كقولك: فقلت ذلك حذر الشر، قال ذلك الزجاج وفى حديث نزول المسيح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وتقع الأمنة في الأرض أي الأمن، يريد أن الأرض تمتلئ بالأمن فلا يخاف أحد من الناس والحيوان.

وفى اصطلاح الفقهاء: لا يخرج عن معناه في اللغة، وقد تحدث الفقهاء عن الأمن المقصود به إعطاء الأمان لأهل الحرب وينظر ذلك في مصطلح أمان، وتحدثوا كذلك عن الأمن باعتباره شرطًا لمريد الحج وبيان المذاهب في ذلك على الوجه الآتى:

[أمن الطريق بالنسبة لمريد الحج.]

[مذهب الحنفية]

أمن الطريق من شرائط فرضية الحج جاء في بدائع الصنائع عند تعداد شرائط فرضية الحج قال (٤): ومنها أمن الطريق وإنه من شرائط الوجوب عند بعض أصحابنا بمنزلة الزاد والراحلة وهكذا روى ابن شجاع عن أبى حنيفة وقال بعضهم إنه من شرائط الأداء لا من شرائط الوجوب وفائدة هذا الاختلاف تظهر في وجوب الوصية إذا خاف الغوث فمن قال إنه من شرائط الأداء يقول إنه تجب الوصية إذا خاف الغوث ومن قال إنه شرط الوجوب يقول لا تجب الوصية لأن الحج لم يجب عليه ولم يصر دينًا في ذمته فلا تلزمه الوصية ووجه قول من قال إنه من شرائط الأداء ما روينا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة ولم يذكر أمن الطريق ووجه من قال إنه شرط الوجوب وهو الصحيح أن الله سبحانه وتعالى شرط الاستطاعة ولا استطاعة بدون أمن الطريق كما لا استطاعة بدون الزاد والراحلة إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الاستطاعة بالزاد والراحلة بيان كفاية ليستدل بالمنصوص عليه على غيره لاستوائهما في المعنى وهو إمكان الوصول إلى البيت ألا ترى أنه كما لم يذكر أمن الطريق لم يذكر صحة الجوارح وزوال سائر الموانع الحسية وذلك شرط الوجوب على أن الممنوع عن الوصول إلى البيت لا زاد له ولا راحلة معه فكان شرط الزاد والراحلة شرطًا


(١) لسان العرب للإمام العلامة أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقى المصرى جـ ٥٤ طبعة بيروت سنة ١٩٥٦. سنة ١٣٧٥ طبع مطبعة دار صادر للطباعة والنشر جـ ٢١.
(٢) الآية رقم ٤ من سورة قريش.
(٣) الآية رقم ١١ من سورة الأنفال.
(٤) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبى بكر بن مسعود الكاسانى جـ ٢ ص ١٢٣ ص ١٢٤ طبع مطبعة الحملة بمصر.