للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: والهدية رشوة فى الحكم والرشوة فى الحكم كفر ولا يجوز لأحد أن يأخذ شيئا ما على بطلان حق ما.

ويجوز للحاكم أن يأخذ ما أعطيه اذا لم يستر به انه جعل له على ابطال الحق.

ولا يأكل مما يجعل للأغنياء أو للأقوياء الا من قريبة أو صديقه وله الأكل مما للعامة أو الفقراء.

ويجوز لصاحب الحق أن يعطى الرشوة من يحكم له به ولا يجوز ان يأخذها ولا يجوز لمن يعطى أن يعطى أكثر من حقه.

لأن ذلك تضييع للمال قال جابر بن زيد رحمه الله تعالى.

ليس لنا شئ أنفع من الرشوة فى زمان عبيد الله بن زياد.

قالت العلماء الرشوة تصيد الحكيم وتفقأ عين الحكيم والله بعباده خبير عليم.

وقيل لا يجوز لأحد أن يعطى الرشوة من يحكم له ولو تيقن أن الحق له فأن أعطاها فهو كمن أعطاها ليأخذ حق غيره.

ولا يبيع أو يشترى لئلا يرخص له ما اشترى أو يغلو ما باع مداراة له أو ليحكم لهم وكذا ما دونه وان فعل صح البيع لكن يخاف ذلك عليه وينبغى أن يوكل غيره بحيث لا يعلم الناس أنه وكيله وله أن يباشر البيع والشراء حيث لا يعرفه من يعامله وفيما له سعر لا يزيد ولا ينقص.

ويقال أن القاضى اذا اتجر فى الموضع الذى يحكم فيه أنه ملعون ورخص له أن يرسل خديمه فبما يصلح للبيت كلحم وزيت وبقل ويلى بيع ما يحعله العلم بيده كمال يتيم أو غائب.

[هل يضمن المفتى ما تلف بفتواه]

وفى البحر الرائق: من أفتى غيره ثم رجع عن فتواه قبل العمل بها كفى عن العمل.

وكذا اذا نكح امرأة بفتواه ثم رجع لزمه فراقها كما فى القبلة.

وان رجع بعد العمل وقد خالف دليلا قاطعا نقضه والا فلا.

وان كان المفتى يقلد الامام فنص أمامه.

وان كان اجتهاديا فى حقه كالدليل القطعى وعلى المفتى أعلامه برجوعه قبل العمل.

وكذا بعده ان وجب النقض وان أتلف بفتواه لا يغرم ولو كان أهلا اهـ‍.

والله تعالى أعلم، وفى حاشية ابن عابدين (٢):

ان بعض الفقهاء قاس المفتى على القاضى فى اختلاف الرواية.

فقد قال ابن عابدين القاضى.

اذا قاس مسألة على مسألة وحكم ثم ظهر رواية بخلافه فالخصومة للمدعى عليه يوم القيامة مع القاضى والمدعى.

أما مع المدعى فلأنه اثم بأخذ المال واما مع القاضى فلانه اثم بالاجتهاد.

لأن أحدا ليس من أهل الاجتهاد فى زماننا.

القاضى فأورت أن القاضى صاحب مباشرة للحكم فكيف يؤاخذ السبب مع المباشر فانقطع وكان له يقول:


(٢) انظر رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار وحاشية ابن عابدين عليه ج‍ ٤ ص ٣٥٦ وما بعدها طبع المطبعة الكبرى الأميرية سنة ١٣٢٥ هـ‍ الطبعة الثالثة.