للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحوه وليس الارتزاق منحصرا فيما ذكر بل مصرفه كل مصلحة من مصالح الاسلام ليس لها جهة غيره أو قصرت جهتها عنها.

وفى العروة (١) الوثقى أنه قال: وأما الرشاء فى الحكم فهو الكفر العظيم.

وفى خير الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:

أيما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة عن حوائجه وان أخذ هدية كان غلولا وان أخذ رشوة فهو شرك.

وفى رواية يوسف بن جابر لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نظر الى فرج امرأة لا تحل له ورجلا خان أخاه فى امرأته ورجلا احتاج الناس اليه لفقهه فسألهم الرشوة.

وفى شرح النيل (٢): انه يحرم على المفتى قبول هدية.

فانه يقال اذا دخلت الهدية من الباب خرج الحق من الكوة والمعنى والله أعلم أن الحق يتحمل الخروج من الكوة مع ضيقها ولا يتحمل المقام حتى تدخل الهدية لمنافرته اياها.

ولا يطيق على مزاحمتها لخبثها وبنضه اياها الا من قريب أو جار أو صديق معتاد فى الأهواء أو مما يستوى فيه الفقراء والأغنياء.

وربما زاد الصديق أو القريب أو الجار زيادة يريبها فيتحرج حتى تطمئن نفسه.

وجائز للامام أن يجعل له النفقة والكسوة وما يصلح له ولعياله من بيت المال وما يحتاج اليه ليتفرغ لأمور المسلمين.

وينبغى له أن يتنزه عن ذلك وان قبضه فليقتر فيه وان وسع أو أخذ ليتجر به أو ليتسع به ماله جاز له ربحه.

ولا يغرم ان أكل به الطرف وكذا ان أعطاه لجماعة ويعطى نفقة شهر أو سنة أو ما رأى من ذلك.

وان تلف أعطوه وان لم يفرغ للوقت زادوا ان رأوا أو تركوه حتى يفرغ.

وان فرغ قبل الوقت أعطوه وان خرج من الحكومة لم يلزمه رد ما بيده.

وكذا ان مات فلوارثه امساكه وان خرج أو مات فليس له أو لوارثه مما فرض له الا قبضه.

وله أن يصنع معروفا مما قبض ويصل قرابته وعليه حقوقه.

وكذا الحاكم والمفتى والترجمان والكاتب وكل من يعين أمور المسلمين بحسب تعينهم فى ذلك.

وليس ذلك شرطا بل يدخلون فى ذلك كله ويجعل لهم الامام أو الجماعة ذلك يقدر لهم ما يحتاجون اليه لئلا يشتغلوا عن أمور الاسلام بتجر.

وان لم يكن بيت مال جعل المسلمون ذلك لهم من مالهم والا قاموا بالأمور طاقتهم ويكسب قوتهم.

وينبغى للمسلمين أن يجعلوا من مالهم ما يقوى به الحق ويصنعون منه المعروف ويصلون به من يجور عليهم ويجعلون ذلك فى يد أمين.

ولا يعمل فيه الا ما اجتمع عليه خيارهم أو من فوضوا اليه أمرهم وهذا يفعل فى وقت الامام أو غيره والأصل أن تكون أجرته من بيت المال.

الا أن لم يتيسر ذلك لأنه كالقاضى يعمل أمرا لا يلزمه بعينه.


(١) انظر العروة الوثقى تأليف السيد محمد كاظم الطباطبائى اليزدى ج‍ ٣ ص ٢٥ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) انظر شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج‍ ٦ ص ٥٦١، ٥٦٢ وما بعدها طبع محمد بن يوسف البارونى وشركاه بمصر سنة ١٣٤٢ هـ‍.