للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بافلاسه، لانه تكذيب للبينة. ويكفى أن تشهد البينة بالتلف أو الافلاس فلا يعتبر الجمع بينهما وفى التلخيص: لا يكتفى بالشهادة بالافلاس بل لا بد من الشهادة بالتلف والافلاس معا. وفى الفائق وغيره: لا بد أن تشهد بذهاب مال المديون وافلاسه ولا يكفى ان تشهد بأنه لا يملك شيئا. وتسمع البينة على الافلاس أو التلف ونحوه فى الحال، سواء قبل حبس المفلس أو بعده ولو بيوم لان كل بينة جاز سماعها بعد مدة جاز سماعها فى الحال كسائر البينات لكن قال ابن تيمية: وان كان دين مدعى الافلاس ثبت عليه فى غير مقابلة مال أخذه كأرش جناية وقيمة متلف ومهر أو ضمان أو كفالة أو عوض خلع ان كان امرأة، ولم يعرف له مال الغالب بقاؤه ولم يسبق منه اقرار بالغنى فان القول حينئذ يكون قول مدعى الافلاس بيمينه فيحلف أنه لا مال له وبذلك يثبت افلاسه ويخلى سبيله. الا اذا أقام الدائن البينة على يساره فيعمل بها. وكذلك يثبت الافلاس ولو فى المواضع التى لا بد فيها من البينة بيمين المديون أنه مفلس اذا طلب من الدائن أن يحلف أنه لا يعلم افلاسه وامتنع الدائن من الحلف، واذا عجز الغريب عن اثبات افلاسه بالبينة يأمر القاضى من يسأل عنه فاذا ظن السائل افلاسه شهد به عند القاضى وثبت بذلك افلاسه. (١)

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم: إن كانت الحقوق التى على المفلس نشأت من معاملة ببيع أو قرض فإنه يلزمه اثبات افلاسه بالبينة ولا يكفى فى ذلك يمينه لأنه صح أنه قد ملك مالا، ومن صح أنه قد ملك مالا فواجب أن يقضى دينه من ذلك المال حتى يصح أن ذلك المال قد تلف وهو فى تلفه مدع وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبينة على المدعى.

أما إن كانت الحقوق التى على المفلس من نفقات أو صداق أو ضمان أو جناية فإنه يكفى فى اثبات افلاسه بذلك يمينه أنه معدم لا مال له، لأن الاصل فى الانسان أن يولد ولا شئ له. فالناس كلهم قد صح لهم الفقر فهم على ما صح منهم حتى يصح أنهم كسبوا مالا، وهو فى أنه قد كسب مالا مدعى عليه، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين على المدعى عليه، فاذا حلف فلا سبيل اليه حتى يثبت خصمه أن له مالا (٢).

[مذهب الزيدية]

يقبل قول مدعى الافلاس مع يمينه لأجل حق يدعى عليه به حيث ظهر من حاله الافلاس. واذا كان الظاهر من حاله الافلاس وحكم له به فادعى دائنه إنه قد صار موسرا وجب إن يحلف المفلس على القطع، ولا ترد لأنها تشبه التهمة، ثم كلما لبث مدة ثم ادعى يساره حلف له ايضا اذا تحلل بين الدعويين مدة يمكن فيها يساره فى مجرى العادة والكسب. فإن لم يظهر حال مدعى الافلاس بأن كان الظاهر يساره أو التبس حاله لزمه إن يقيم البينة إنه فقير، مفلس، ويحلف مع البينة إن طلب الدائن منه ذلك، لأن البينة غير محققة الا إن تكون البينة على اقرار الدائن بعسره وافلاسه فلا يمين عليه حينئذ. وحكى عن المؤيد بالله وأبى العباس إنه لا يستحلف مع بينته. وبينة المفلس ويمينه إنما يسمعان بعد حبسه مدة يغلب على الظن إنه لا يبقى فيه وهو متمكن من التخلص من ذلك بوفاء دينه. وهذا اذا لم يكن المفلس مشهورا بالعدالة والفضل. فإن بينا معا فبينة المفلس اولى، اذا هى كالخارجة ولو قال المفلس لدائنه (٣).

انت تعلم عسرى وافلاسى بدينك فأنا أطلب يمينك بالله ما تعلمه فإنه يجب تحليف الدائن إنه ما يعلمه ولا يظنه مفلسا ولا ترد اليمين لأنها يمين تهمة فإن لم يحلف الدائن ثبت افلاس المديون ولم يحبس،


(١) المراجع السابقة ج ٤، ج ٢ ص ٤٦٠
(٢) المحلى ج ٨ ص ٦٣٠ بالرقم ١٢٧٧
(٣) شرح الازهار ج ٤ ص ٢٧٧، ٢٧٨ والتاج المذهب ج ٤ ص ١٥٤ وما بعدها.