للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحكام تتعلق بالمفرد بالحج والعمرة]

منها ما جاء فى المبسوط‍ (١) أن المفرد بالحج إذا جامع قبل الوقوف يفسد حجه. لقول الله تعالى:

«فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ» (٢).

فهو دليل على المنافاة بين الحج والجماع فإذا وجد الجماع فسد الحج وعليه المضى فى الفاسد والقضاء من قابل.

على هذا اتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من شرع فى الإحرام لا يصير خارجا عنه إلا بآداء الأعمال فاسدا كان أو صحيحا وعليه دم عندنا.

وعند الشافعى رحمه الله تعالى عليه بدنة.

فأما إذا جامع بعد الوقوف بعرفة لا يفسد حجه عندنا، ولكن يلزمه بدنة ويتم حجه.

وعلى قول الشافعى رحمه الله تعالى إذا جامع قبل الرمى بفسد حجه، ودليلنا حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال إذا جامع قبل الوقوف فسد نسكه وعليه بدنة، وإذا جامع بعد الوقوف فحجته تامة وعليه دم. وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم:

الحج عرفة. فمن وقف بعرفة فقد تم حجه.

وبالاتفاق لم يرد التمام من حيث أداء الأفعال فقد بقى عليه بعض الأركان وإنما أراد به الإتمام من حيث أنه يأمن الفساد بعده. وهو المعنى الفقهى أن بالوقوف تأكد حجه.

ومنها: ما إذا (٣) وقف الحاج بعرفة ثم أهل وهو واقف بحجة أخرى فإنه يرفضها وعليه دم لرفضها وحجة وعمرة مكانها ويمضى فى التى هو فيها. وهذا قول أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى.

فأما عند محمد رحمه الله تعالى فإحرامه باطل بمنزلة اختلافهم فيمن أحرم بحجتين. وإنما يرفضها لأنه لم يرفضها ووقف لها لبقاء وقت الوقوف يصير مؤديا حجتين فى سنة واحدة، ولا يجوز أن يؤدى فى سنة واحدة أكثر من حجة واحدة.

وإذا رفضها فعليه الدم لرفضها لأنه خرج من الإحرام بعد صحة الشروع قبل أداء الأفعال فلزمه الدم كالمحصر وعليه قضاء حجة وعمرة مكانها بمنزلة المحصر بالحج إذا تحلل. وهذا لأنه فى معنى فائت الحج وفائت الحج يتحلل بأفعال العمرة وهذا لم يأت بأعمال العمرة فكان عليه قضاؤها مع قضاء الحج.

وكذلك إن أهل بعمرة أيضا يرفضها، لأن وقوفه لو طرأ على عمرة صحيحة أوجب رفضها على ما بينا فى القارن إذا وقف قبل أن يطوف لعمرته فكذلك إذا اقترن بوقوفه إحرام العمرة. وهذا لأنه لو لم يرفضها أدى أفعالها فيكون بانيا أعمال العمرة على أعمال الحج فلهذا يرفضها وعليه دم وقضاؤها لخروجه منها بعد صحة الشروع.

وكذلك لو كان أهل بالحج ليلة المزدلفة


(١) المرجع السابق ج ٤ ص ٥٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ١٩٧ من سورة البقرة.
(٣) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج ٤ ص ٥٩، ٦٠ وما بعدها الطبعة السابقة.