ولنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حل له كل شئ إلا النساء وهو مقدم على القياس.
ولا يحل له الجماع فيما دون الفرج عندنا. خلافا للشافعى رحمه الله تعالى. لأنه قضاء الشهوة بالنساء فيؤخر إلى تمام الإحلال.
ثم طاف للزيارة يوما من أيام النحر الثلاثة سبعة أشواط بلا رمل ولا سعى إن كان سعى قبل هذا الطواف وإلا فعلهما. وحل له النساء بالحلق السابق، حتى لو طاف قبل الحلق لم يحل له شئ.
فإن أخره عن أيام النحر كره ووجب عليه دم.
وبعد زوال ثانى أيام النحر يرمى الجمار الثلاث وله النفر من منى قبل طلوع فجر اليوم الرابع. ثم إذا أراد السفر طاف طواف الوداع بلا رمل ولا سعى (١) والمرأة بمنزلة الرجل فى جميع ما ذكر لأنها مخاطبة كالرجل.
ألا ترى أن أم سلمة رضى الله تعالى عنها لما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاغتسال من الجنابة وصف لها حال نفسه فى الاغتسال فدل أن حال الرجل والمرأة سواء.
غير أنها تلبس ما بدا لها من الدروع والقمصان والخمار والخف والقفازين، لأنها عورة. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة مستورة.
وفى لبس الإزار والرداء ينكشف بعض البدن عادة وهى مأمورة بأداء العبادة على أستر الوجوه.
فلهذا تلبس المخيط والخفين وتغطى رأسها.
ولا تغطى وجهها، لأن الرأس منها عورة. وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم إحرام الرجل فى رأسه وإحرام المرأة فى وجهها.
فعرفنا أنها لا تغطى وجهها، إلا أن لها أن تسدل على وجهها إذا أرادت ذلك على وجه تجافى عن وجهها. هكذا روى عن عائشة رضى الله تعالى عنها قال: كنا فى الإحرام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نكشف وجوهنا فإذا استقبلنا قوم أسد لنا من غير أن نصيب وجوهنا ولا نلبس المصبوغ بورس ولا زعفران ولا عصفر إلا أن يكون قد غسل.
ولا حلق على المرأة إنما عليها التقصير. هكذا روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى النساء عن الحلق وأمرهن بالتقصير عند الخروج من الإحرام ولأن الحلق فى حقها مثلة والمثلة حرام.
وكذلك لا رمل على المرأة فى الطواف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، لأن الرمل لإظهار التجلد والقوة، والمرأة ليست من أهل القتال، لتظهر الجلادة من نفسها ولا يؤمن أن يبدو شئ من عورتها فى رملها وسعيها أو تسقط لضعف بنيتها فلهذا تمنع من ذلك وتؤمر بأن تمشى مشيا.
وقد قال مشايخنا أيضا إنها لا ترفع صوتها بالتلبية لما فى رفع صوتها من الفتنة.
وكذلك لا تستلم الحجر إذا كان هناك جمع، لأنها ممنوعة من مماسة الرجال والزحمة معهم.
(١) المبسوط لشمس الدين السرخسى ج ٤ ص ٣٣ وما بعدها