للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النوع الثالث كالحج فإنه مرتبط بوقت من العام محدود وليس ذلك على الإنسان في عام بعينه بل هو ثابت على كل مستطيع إلى وقت العرض على الله عز وجل.

وقد أطال ابن حزم في استنباط الاعتراضات والرد عليها وعلى أدلة مخالفيه كما استطرد إلى أدلة أخرى من الكتاب والسنة تحيل من شاء الاستقصاء إليها في كتابه.

[سابعا: الزيدية]

استقصى الشوكانى المذاهب المختلفة في هذا المقام ولخص أدلة كل فريق وما ناقض به مخالفيه وأنهى البحث بقوله (١): الحق قول من قال إن الأمر لمطلق الطلب من غير تقييد بفور ولا تراخ ولا ينافى هذا اقتضاء بعض الأوامر للفور كقول القائل "اسقنى. أطعمنى" فإنما ذلك من حيث إن مثل هذا الطلب يراد منه الفور فكان ذلك قرينة على إرادته به. وليس النزاع في مثل هذا إنما النزاع في الأوامر المجردة عن الدلالة على خصوص الفور أو التراخى كما عرفت.

[ثامنا: الإباضية]

يقول صاحب طلعت الشمس (٢)

إذا تجرد الأمر عن القيود والقرائن دل على طلب حقيقة الفعل المأمور به ولا يدل على طلب إيقاعه مرة واحدة ولا على طلبه متكررا ولا على طلب إيقاعه فورا أي في أقرب ما يمكن من الوقت ولا على طلب إيقاعه متراخيا أي في أي وقت يكون. لكن يدل على طلب حقيقة المأمور به فقط. وهذه الأشياء إنما تستفاد من القيود والقرائن لأن (٣) مدلولات الفعل أجناس والأجناس لا تشعر بالوحدة ولا بالكثرة ومن ثم لم تثن ولم تجمع وحسن استعمالها في القليل والكثير بلفظ واحد.

وهذا المذهب هو قول كثير من أهل التحقيق.

ثم ذكر المذاهب التي سبق ذكرها كما ذكر أدلة كل مذهب وناقض مخالفيه بما لا يخرج عما سبق.

[تاسعا: الجعفرية]

قال الفقيه أبو القاسم الغمى: (٤)

لا دلالة لصيغة الأمر على وجوب الفور كما ذهب إليه جماعة؛ وليست مشتركة بينه وبين جواز التراخى كما ذهب إليه بعض علماء المذهب. بل هي لطلب الماهية وأيهما حصل حصل الامتثال كما ذهب إليه جماعة من المحققين. وأما القول بتعيين التراخى فلم نقف على مصرح به.

واستدل بمثل ما استدل به القائلون بهذا الرأى وبما سيذكره في مبحث الأمر المعلق بشرط أو صفة وأطال في مناقشة أدلة القائلين بالفور. ومما جاء في رده عليهم قوله: (٥)


(١) إرشاد الفحول ص ١٠١
(٢) طلعت الشمس ص ٥١ حـ ١
(٣) نقل المصنف هذا الرأى عن البدر الشماخى
(٤) قوانين الأصول من ٩٥
(٥) المصدر السابق ٩٦