للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو أمر المستعير رسوله بأن يستعير له دابة من فلان الى قرية كذا فكذب الرسول وأخبر المعير بطلب المستعير الى قرية أخرى فخرج بها المستعير الى ما ذكره الرسول للمعير فتلفت لم يضمن، لأن صاحبها أعارها الى هذا المكان ولو خرج بها المستعير الى المكان الذى أمر رسوله باستعارتها اليه فتلفت ضمن ولا شئ على الرسول.

ولو استعار الدابة مثلا الى مسافة معينة فتجاوزها دخلت الدابة فى ضمانه ولا يبرأ من الضمان لو أعارها الى المسافة المشترطة بينهما، فتلزم المستعير قيمتها ان تلفت بعد اعادتها اليها ولو بدون تعد منه. وكذلك تلزمه الأجرة لمجموع ما فعل من غير أن يسقط‍ ما قابل المأذون فيه (١).

[مذهب الإباضية]

من استعار شيئا لينتفع به فى عمل معين فعمل به أكثر أو أشد مما استعاره له فتلف كله أو بعضه ففى ضمانه قولان:

الأول - يضمن منه مقدار ما خالف فقط‍ مثل الثلث، لأن الضمان للمخالفة فيعتبر بمقدارها.

والثانى - يضمنه كله، لأنه متعد ما أمر به لأنه لما جمع ما استعار لأجله مع غيره صار فعله كله تعديا حتى ما أمر به ولا ضمان ان عمل أقل أو أخف مما استعاره له، لأن فى مخالفته هنا نفعا وابقاء على ما استعاره من دابة أو غيرها وقيل: يضمن، لأن الأموال لا تحل الا باذن والمعير لم يأذن له فى ذلك الذى خالف فيه.

ولو خالف الى مثل المشروط‍ ضمن، لأن ابقاء المخالفة الى ما لم يؤذن له فيه مع عدم ابقاء أو نفع مجدد على ما استعاره بالمخالفة واستظهر صاحب شرح النيل أنه يضمن اذا خالف الى غير الجنس الذى استعار له ولو كان أخف.

ولا يضمن ان خالف فحمل على الدابة مثلا من الجنس الذى عليه الاعارة أقل مما أعير له وان خالف الى موضع أقرب من الموضع المستعار له الدابة ونحوها يضمن ان كان الطريق اليه أشق (٢).

وان جاوز المستعير فى حمله على الدابة المستعارة بلدا سماه أو وقتا سماه أو جاوز بما استعاره ما شرط‍ له فالصحيح المأخوذ به أنه يجبر على قيمة الدابة ان تلفت، كما يجبر على أجرة مثل المقدار الذى جاوزه، سواء تلفت الدابة أم لا، ولا يكون فى ذلك اجتماع العوض والمعوض، لأن الأجرة على الحمل، والقيمة على التلف (٣).

ولو تعدى المستعير فى المستعار ولو بعد اذن كان للمعير أخذه ولو كان فى الأخذ ضرر على المستعير ويلزم المستعير أجرة استعمالها بعد منعه ولو كان فى محل لا يجد فيه ما يحمل عليه متاعته مثلا وقيل: لا أجرة


(١) الروضة البهية ج ١ ص ٣٩٠
(٢) شرح النيل ج ٦ ص ٧٨، ٧٩
(٣) شرح النيل ج ٦ ص ٧٨، ٧٩