للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها خيمة فلم يفت المعقود عليه رأسا فلا ينفسخ العقد، على أنه ان فات كله لكن فات على وجه يتصور عوده وهذا يكفى لبقاء العقد، والأصل فيه أن العقد المنعقد بيقين يبقى لتوهم الفائدة لأن الثابت بيقين لا يزول بالشك.

وذكر القدورى أن الصحيح أن العقد ينفسخ، لأن المنفعة المطلوبة من الدار قد بطلت وضرب الخيمة فى الدار ليس بمنفعة مطلوبة من الدار عادة فلا يعتبر بقاؤه لبقاء العقد

وقال فيما ذكره محمد فى البيت اذا بناه المؤاجر أنه لما بناه تبين أن العقد لم ينفسخ حقيقة، وان حكم بفسخه ظاهرا فيجبر على التسليم والقبض وليس يمتنع الحكم بانفساخ عقد فى الظاهر مع التوقف فى الحقيقة.

ثم قال صاحب (١) البدائع: وان سلم المؤاجر الدار الا بيتا منها ثم منعه رب الدار أو غيره بعد ذلك من البيت فلا أجر على المستأجر فى البيت، لأنه استوفى بعض المعقود عليه دون بعض فلا يكون عليه حصة ما لم يستوف، وللمستأجر أن يمتنع من قبول الدار بغير البيت وأن يفسخ الاجارة اذا حدث ذلك بعد قبضه، لأن الصفقة تفرقت فى المعقود عليه وهو المنافع، وتفرق الصفقة يوجب الخيار.

ولو استأجر دارا أشهرا مسماة فلم تسلم اليه الدار حتى مضى بعض المدة، ثم أراد أن يتسلم الدار فيما بقى من المدة فله ذلك.

ولو أن المستأجر طلبها من المؤاجر فمنعه اياها ثم أراد أن يسلمها فذلك له، وليس للمستأجر أن يمتنع، لأن الخيار انما يثبت بحدوث تفرق الصفقة بعد حصولها مجتمعة، والصفقة هاهنا حينما وقعت وقعت متفرقة، لأن المنافع تحدث شيئا فشيئا، فكان كل جزء من المنافع كالمعقود عليه عقدا مبتدأ فكان أول جزء من المنفعة مملوكا بعقد، وكان الجزء الثانى مملوكا بعقد آخر.

وما ملك بعقدين فتعذر التسليم فى أحدهما لا يؤثر فى الاخر، فان استأجر دارين فسقطت احداهما، أو منعه مانع من احداهما، أو حدث فى احداهما عيب فله أن يتركهما جميعا، لأن العقد وقع عليهما صفقة واحدة، وقد تفرقت عليه فيثبت له الخيار.

[مذهب المالكية]

جاء فى التاج والاكليل بهامش (٢) الحطاب:

نقلا عن المدونة أنه اذا اكترى شخص دارا للسكنى سنة من غير غاصب فلم ينقده الكراء حتى استحقت الدار فى نصف السنة فكراء ما مضى للأول، وللمستحق فسخ ما بقى أو الرضا به فيكون له كراء بقية السنة فان أجاز الكراء فليس للمكترى أن يفسخ الكراء فرارا من عهدته اذ لا ضرر عليه فانه يسكن


(١) البدائع للكاسانى ج ٤ ص ١٩٧ الطبعة السابقة.
(٢) التاج والاكليل بهامش الحطاب ج ٥ ص ٢٩٧ الطبعة السابقة.