للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغائب باسمه، فإن لم يسمه بل قال لرجل غائب، وشهد الشهود أن رجلا أودعه أو أجره لا يعرفونه، فذكر أبو جعفر أن الدعوى تنصرف عنه. فإن أقام المدعى البينة أنه له؛ فإن الحاكم ينتزعه من يد المدعى عليه، ويقف حتى يحضر الغائب أو يوكل وكيلا، وقيل: وغاية مدة وقف ذلك الشئ إلى شهر. وإن لم يبيّن أن الشئ لفلان لم تنصرف عنه الدعوى. وحكم عليه بالتسليم كما تقدّم (١). ثم إذا حضر الغائب فإن قبل الإقرار فعن أبى نصر أنه لا يحتاج المدعى إلى إعادة الدعوى عليه والبينة بل الدعوى الأولى كافية، وإن ردّ الإقرار فعند أبى العباس لا يحكم للمدعى إلا ببينة يقيمها؛ لأن هذه الدعوى على بيت المال. وذكر المروزى أنه يسلم إلى المدعى من غير بينة، وأما إذا كان المقرّ له حاضرا، فإن لم يقبل الإقرار انصرفت دعوى المدعى إلى بيت المال، وإن قبل انصرفت إليه الدعوى. وكانت المحاكمة بينه وبين المدعى. وقال المؤيد بالله: إن الدعوى لا تنصرف عن المدعى عليه سواء بيّن أم لا وقيل: تتصرف (٢).

وإذا ادعى رجل على غيره شيئا فإنه لا تجب عليه إجابة هذه الدعوى بإقرار ولا إنكار، فينصّب الحاكم من يدافع عن الخصم الممتنع إذا كان غائبا، وإن لم يكن غائبًا وكان حاضرًا ولم يجب بنفى ولا إثبات، أو قال: لا أقرّ ولا أنكر حكم عليه الحاكم، ولا يلزمه الإجابة، ولا يوقف خصم لمجئ بينة عليه غائبة إلا لمصلحة (٣)، فإذا ادّعى رجل حقًّا فأنكره المدعى عليه، فزعم المدعى أن له بينة غائبة، وطلب منع المدعى عليه من السفر حتى يأتى ببينة؛ فإن الحاكم لا يجيبه إلى توقيف المدعى عليه لأجل ذلك إلا أن يرى في ذلك صلاحًا؛ والصلاح أن يظن صدق المدعى بقرينة تظهر إما بحجة فيها ثبوت الحق وخط الشهود أو بحضور شاهد واحد، أو كان أن المدعى فاضل ورع أو نحو ذلك. فإذا رأى الحاكم مصلحة في توقيف المدعى عليه حتى تحضر البينة فطلب منه الكفيل بوجهه وجب ذلك فيكفل عشرا في المال وشهرا في النكاح، وهذا إذا كان توقيفه قبل تحليفه، وأما إذا كان بعد أن حلف فمقدار مجلس الحكم فقط (٤).

ثانيًا: نكول المدعى عليه عن اليمين:

لا تسقط اليمين الأصلية بوجود البينة في غير المجلس، وإن كانت حاضرة في البلد. وإذا لم يكن للمدعى بينة فى المجلس فطلب يمين المنكر فنكل عن اليمين فإنه يجب عليه ذلك الحق بالنكول إذا وقع في مجلس الحاكم إلا فى الحد والنسب فإنه لا يحكم فيهما بالنكول. وقيل: لا في النفس ولا فيما دونها، وقيل: إذا سكت المدعى عليه ولم يجب المدعى بشئ أو قال: لا أنكر ولا أقرّ فإنه لا يحكم عليه كما يحكم بالنكول. ولكن مع سكوته يحبس حتى يقر بما ادّعى عليه أو ينكر فيطلب منه اليمين، وإن نكل حكم عليه.

ولو نكل المدعى عليه عن اليمين ثم أجاب إلى الحلف وجب أن يقبل اليمين بعد النكول وسقط عنه الحق (٥).


(١) شرح الأزهار: ٤/ ١٢٧.
(٢) السابق: ٤/ ١٢٨، ١٢٩.
(٣) السابق: ٤/ ١٣٢.
(٤) السابق: ٤/ ١٤٤.
(٥) السابق: ٤/ ١٤٤ - ١٤٦.