للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحمد أن القرعة طريق للقضاء، وذكر خلاف الأئمة الثلاثة فى استعمالها فى الطلاق وإليكم بيان المذاهب:

[مذهب الحنفية]

لا يعتبر الحنفية القرعة طريقا من طرق القضاء والحكم، ومن ثم قرروا أنه لا يجوز استعمالها فى دعاوى النسب والمال، وفى الطلاق، والعتق حين يكون الطلاق أو العتق لغير معين أو لمعين، ويتسنى قبل موت المطلق أو المعتق وحين يتأخر بيانه حتى الموت.

وقرروا أنها حين تجرى فيما تجرى فيه عندهم لا تكون الطريق لإثبات الحق والملك أو الإلزام به وإنما تكون لتطييب القلوب ونفى التهمة.

جاء فى شرح العناية على الهداية وتكملة فتح القدير تعليقا علي قول صاحب الهداية فى باب القسمة «والقرعة لتطييب القلوب» هذا هو الاستحسان والقياس يأباها لأن فى استعمال القرعة تعليق الاستحقاق بخروجها.

وذلك قمار أو هو فى معنى القمار، وهو حرام.

ولهذا لم يجوز علماؤنا استعمالها فى دعوى النسب والمال، وتعيين المطلقة والعتق ولكنا تركنا القياس هنا بالسنة والتعامل الظاهر من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير.

وليس هذا من باب القمار لأن أصل الاستحقاق فى القمار يتعلق بما يستعمل فيه وفيما نحن فيه لا يتعلق أصل الاستحقاق بخروج القرعة لأن القاسم لو قال: عدلت فى القسمة، فخذ أنت هذا الجانب وخذ أنت ذاك الجانب ولم يستعمل القرعة كان مستقيما إلا أنه ربما يتهم فى ذلك فيستعمل القرعة لتطبيب قلوب الشركاء ونفى تهمة الميل عن نفسه وذلك جائز (١).

ومثل ذلك فى تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه من باب القسم بين الزوجات (٢).

[مذهب المالكية]

لا يعتبر المالكية القرعة طريقا للقضاء بثبوت الحق والملك وإنما يعتبرونها طريقا لقطع النزاع على الاختصاص بالحق والأولوية به ولا تجرى عندهم فى الطلاق.

جاء فى التبصرة لابن فرحون المالكى:

قال القرافى رحمه الله تعالى فى الفروق:

الفرق الأربعين والمائتين: اعلم أنه متى تعينت المصلحة أو الحق فى جهة فلا يجوز الاقراع بينه وبين غيره لأن فى القرعة ضياع ذلك الحق المعين. والمصلحة المعينة.

ومتي تساوت الحقوق والمصالح فهذا هو موضع القرعة عند التنازع دفعا للضغائن والأحقاد والرضا بما جرت به الأقدار (٣).

ثم ذكر صاحب التبصرة أن القرعة مشروعة فى مواضع: وعد اثنين وعشرين موضعا منها، بين الأب والأم عند التنازع


(١) فتح القدير ج‍ ٨ ص ٢١٥ وما بعدها.
(٢) ابن عابدين ج‍ ٢ ص ٤١١ الطبعة الثالثة الأميرية سنة ١٣٢٣ هـ‍.
(٣) ج‍ ٢ ص ٩٢.