للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أجلٌ

[المعنى اللغوى]

جاء فى المصباح: أجل الشئ مدته ووقته الذى يحل فيه، وهو مصدر أجل الشئ أجلا من باب تعب، وهو من باب قعد لغة، وأجلته تأجيلا من باب جعلت له أجلا.

وجاء فى القاموس: الأجل محركة غاية الوقت فى الموت، وحلول الدين، ومدة الشئ. وجمعه آجال، والتأجيل تحديد الأجل واستأجلته فأجلنى إلى مدة.

واستعمال الفقهاء للفظ‍ أجل لا يخرج عن بعض الاستعمالات اللغوية، فإنه يدور فى اصطلاحاتهم بمعنى المدة، وبمعنى نهاية الوقت، وبمعنى حلول الدين، وهم يستعملون كلمة التأجيل أيضا بالمعنى اللغوى، وقد جاء الأجل فى القرآن بمعنى مدة العدة فى قول الله سبحانه وتعالى «وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» (١). والمراد مدة تربصهن طوال مدة الحمل حتى تمام الوضع. وجاء بمعنى نهاية المدة المضروبة فى قوله تعالى: «إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» (٢) وغير ذلك من المعانى التى بينتها اللغة.

[اشتراط‍ العلم بالأجل]

والخلاف فيما يعتبر منه معلوما أو مجهولا اتفق الفقهاء على اشتراط‍ العلم بالأجل فى العقود مع اختلاف فيما يكون به الأجل معلوما وإليك التفصيل فى المذاهب:

[مذهب الحنفية]

قال الميرغينانى فى الهداية (٣) «ولا بد فى الأجل أن يكون معلوما لأن الجهالة فيه مانعة من التسليم الواجب بالعقد» وعلق البابرتى على ذلك بقوله (٤): لا بد أن يكون الأجل معلوما كى لا يفضى إلى ما يمنع الواجب بالعقد وهو التسليم والتسلم فربما يطلب البائع فى مدة قريبة والمشترى يؤخر إلى مدة بعيدة. وقال الكمال بن الهمام (٥) «ولأنه عليه الصلاة والسلام فى موضع شرط‍ الأجل وهو السلم أوجب التعيين حيث قال: من أسلف فى تمر فليسلف فى كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم وعلى ذلك انعقد الإجماع.

وقال الكاسانى فى باب الإجارة (٦):

يتحقق الأجل ببيان المدة سواء قصرت أو طالت من يوم أو شهر أو سنة أو أكثر من ذلك بعد أن تكون المدة معلومة، سواء عين اليوم أو الشهر أو السنة أو لم يعين، ويتعين الزمان الذى يعقب العقد لثبوت حكمه، ولا يلزم التعيين صراحة لأن التعيين قد يكون نصا وقد يكون دلالة.

وفى مثل قولنا يوم أو شهر أو سنة وجدت دلالة التعيين من وجهين: أحدهما أن الإنسان إنما يعقد الإجارة للحاجة، والحاجة عقيب العقد قائمة، والثانى: أن العقد يقصد بعقده الصحة ولا صحة لهذا العقد إلا بالصرف إلى الشهر الذى يعقب العقد


(١) سورة الطلاق: ٤.
(٢) سورة البقرة: ٢٨٢.
(٣) ج‍ ٥ ص ٨٣ مطبوعة مع فتح القدير طبع مصطفى محمد.
(٤) بهامش الفتح والهداية المرجع السابق.
(٥) فتح القدير على الهداية المرجع السابق الموضع نفسه.
(٦) بدائع الصنائع ج‍ ٤ ص ١٨١.