للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيتعين. فإن وقع العقد فى غرة الشهر يقع على الأهلة بلا خلاف عند الأحناف حتى لو نقص الشهر يوما فى عقد إجارة مثلا كان عليه كمال الأجرة لأن الشهر اسم للهلال، وإن وقع بعد ما مضى بعض الشهر. ففى إجارة الشهر يقع على ثلاثين يوما بالإجماع لتعذر اعتبار الأهلة فتعتبر بالأيام، وفى إجارة الشهور هناك روايتان عن أبى حنيفة إحداهما اعتبار الشهور كلها بالأيام، والثانية اعتبار تكميل الشهر الأول بالأيام من الشهر الأخير والباقى بالأهلة». ثم قال الكاسانى نقلا عن الأصل: أنه إذا استأجر سنة أولها هذا اليوم وهو لأربعة عشر من الشهر - أى بقين - فإنه يسكن بقية هذا الشهر وأحد عشر شهرا بالأهلة وستة عشر يوما من الشهر الأخير. وقال الكاسانى: وهذا الأخير هو قول أبى يوسف ومحمد، ووجهه أن اسم الشهور للأهلة إذ الشهر اسم للهلال لغة إلا أنه لا يمكن اعتبار الأهلة فى الشهر الأول فاعتبر فيه الأيام ويمكن فيما بعده فيعمل بالأصل. ووجه الرواية الأولى أن الشهر الأول يكمل بالأيام بلا خلاف، وإنما تكمل الأيام من الشهر التالى، فإذا أكمل منه يصير أوله بالأيام فيكمل من الذى يليه وهكذا.

وجاء فى التنوير وشرحه (١): «أن ابتداء الأجل فى البيع من وقت التسليم - إذا لم يكن هناك خيار. ولو كان فيه خيار فمن وقت سقوط‍ الخيار عند أبى حنيفة، وعلق ابن عابدين على ذلك بقوله: لأن ذلك وقت استقرار البيع. وجاء فى التنوير وشرحه وحاشية ابن عابدين (٢): لا يصح البيع بثمن مؤجل إلى مجهول كى لا يفضى ذلك إلى النزاع. وقال ابن عابدين:

إن من جهالة الأجل ما إذا باعه بألف على أن يؤدى الثمن إليه فى بلد آخر ولو قال:

إلى شهر على أن يؤدى الثمن فى بلد آخر جاز بألف الفى شهر ويبطل الشرط‍، ومنها اشتراط‍ أن يعطيه الثمن مفرقا أو كل أسبوع البعض فإن لم يشترط‍ فى البيع بل ذكر بعده لم يفسد. وجاء فى موضع آخر (٣):

لا يصح البيع بثمن مؤجل إلى النيروز. وهو أول يوم من الربيع. ولا إلى يوم المهرجان أول يوم من الخريف. ولا صوم النصارى أو اليهود وفطرهم إذا لم يدر شيئا من ذلك المتعاقدان فلو عرفه جاز بخلاف فطر النصارى بعد ما شرعوا فى صومهم للعلم به، ولا يصح التأجيل إلى قدوم الحاج والحصاد للزرع والدياس للحب والقطاف للعنب لأنها تتقدم وتتأخر، ولو باع مطلقا عن الآجال ثم أجل الثمن إليها صح التأجيل.

وعلق ابن عابدين على ذلك بأنه يفيد أن ما ذكره من الفساد بهذه الآجال إنما هو إذا ذكرت فى أصل العقد بخلاف ما إذا ذكرت بعده كما لو ألحقا بعد العقد شرطا فاسدا، وجاء فى موضع آخر (٤) أن الآجال على ضربين: معلومة ومجهولة.

والمجهولة على ضربين: متقاربة كالحصاد ومتفاوته كهبوب الريح فالثمن العين يفسد


(١) مطبوع على حاشية ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٢٧.
(٢) حاشية ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٢٤. طبع المطبعة الكبرى الاميرية بمصر سنة ١٣٢٥ هـ‍،
(٣) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ١٣١.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٢٦.