للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يختلف محل التسليم اذ لا بد من بيان موضعه لصحة الاجارة ولو استأجر دابة ليركبها الى محلة ليس عليه ردها حيث تسلمها بل يسلمها فى المحلة اليه أو الى وكيله أو الحاكم أو الأمين فان لم يجد ردها للضرورة وحاصل ما مر أنه يجوز ابدال المستوفى كالراكب والمستوفى به كالمحمول والمستوفيه كالطريق بمثلها أو دونها ما لم يشترط‍ عدم الابدال فى المحمول والطريق بخلاف الأول لأنه من المكرى يفسد العقد لا من المكترى (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى. أن من استأجر عقارا للسكنى فله أن يسكنه وأن يسكن فيه من شاء ممن يقوم مقامه فى الضرر أو دونه وأن يضع فيه ما جرت عادة الساكن بوضعه فيه مما لا يضر به ولا يسكن ما يضر به كحداد وقصار ولا يجعله حظيرة للدواب ولا أن يرفع على سقفه شيئا ثقيلا وهكذا يجتنب كل ما يعده العرف مخالفة والى هذا ذهب الشافعى وأصحاب الرأى ولا نعلم فيه خلافا واذا اكترى دارا جاز فيها اطلاق العقد دون حاجة الى ذكر السكنى وصفتها وهذا قول الشافعى وأصحاب الرأى وقال أبو ثور لا يجوز حتى يبين من يسكنها ولنا أن الدار لا تكترى الا للسكنى فاستغنى عن ذكرها بما هو معروف والتفاوت فى السكنى يسير فلم يحتج الى ضبطه. واذا اكترى ظهرا ليركبه فله ان يركبه مثله ومن هو أخف منه دون من هو أثقل منه لأن العقد اقتضى استيفاء منفعة مقدرة بذلك الراكب فلا يزاد عليها لا يملك أكثر مما عقد عليه ولا يشترط‍ التساوى فى الطول والقصر ولا الحذق فى الركوب وقال القاضى يشترط‍ التساوى فى هذه الأوصاف كلها لأن قلة المعرفة بالركوب تضر بالدابة ولنا أن التفاوت فى هذه الأمور بعد التساوى فى الثقل يعد يسيرا معفوا عنه ولهذا لا يشترط‍ ذكره فى الاجارة فان شرط‍ ألا يستوفى المنفعة بمثله ولا بمن هو دونه فقياس قول أصحابنا صحة العقد وبطلان الشرط‍ ويحتمل أن يصح الشرط‍ والعقد لأن المستأجر انما يملك المنفعة من جهة المؤجر فلم يملك ما لم يرض به وقد يكون له غرض فى هذا التخصيص وقالوا فى الوجه الآخر أن الشرط‍ يبطل لمنافاته لموجب العقد اذ موجبه ملك المنفعة وذلك يقتضى استيفاءها بنفسه وبغيره وهل يبطل العقد بهذا الشرط‍ فيه وجهان أصحهما أن لا يبطله لأنه لا يؤثر فى حق المؤجر نفعا ولا ضررا فألغى لذلك وبقى العقد على مقتضاه والآخر يبطل به لأنه ينافى مقتضاه فأشبه ما لو شرط‍ على المستأجر أن لا ينتفع وكل عين استأجرها لمنفعة فله أن يستوفى مثل تلك المنفعة أو ما دونها فى الضرر قال أحمد اذا استأجر دابة ليحمل عليها تمرا فحمل عليها حنطة أرجو ألا يكون فيه بأس اذا كان الوزن واحدا فان كانت المنفعة التى يستوفيها أكثر ضررا أو مخالفة للمعقود عليها فى الضرر لم يجز لأنه يستوفى حينئذ أكثر من حقه أو غير ما يستحقه فاذا اكترى دابة ليحمل عليها قطنا لم يحمل عليها حديدا وكذلك العكس. وان اكتراها للركوب لم يجز له الحمل وان اكتراها للحمل لم يجز له الركوب لأن الراكب يقعد


(١) نهاية المحتاج ج‍ ٥ ص ٣٠٣، ٣٠٥.