للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سموا بالموسوية أو المفضلية ..

ولما رأت الشيعة أن أولاد الصادق على تفرق فمن ميت حال حياة أبيه لم يعقب، ومن مختلف في موته ومن باق بعد موته مدَّة يسيرة .. رجعوا إلى موسى الذي تولى الأمر بعد أبيه واجتمعوا عليه، وقالوا: إن أباه قال: هذا سابعكم قائمكم وأشار إليه .. ثم إن موسى هذا لما خرج وأظهر الإمامة حمله الرشيد من المدينة فحبسه عند عيسى بن جعفر ثم أشخصه إلى بغداد فحبسه عند السندى بن شاهل، وقيل إن يحيى بن خالد بن برمك سمه في رطب فقتله وهو في الحبس، ودفن في مقابر قريش ببغداد .. واختلفت الشيعة بعده فمنهم من توقف في موته، ومنهم من قطع بموته ويسمون القطعية .. ومنهم من توقف عليه وقال: إنه غائب وسيرجع ويقال لهم الواقفية ..

ومن الطوائف المعروفة عند الإمامية - الاثنا عشرية - قالوا أن الأئمة من علي وبنيه اثنى عشر إماما أولهم على أمير المؤمنين وآخرهم المهدى المنتظر الذي يعود فيملأ الأرض عدلا .. وأن الإمامة انتقلت بعد جعفر الصادق إلى ابنه موسى الملقب بالكاظم، وقد قطعوا بموته، فقيل لهم القطعية، وآلت الإمامة بعده إلى ابنه على الرضى .. ثم من بعده إلى ابنه محمد التقى ومن بعده إلى ابنه على النقى ومن بعده إلى ابنه الحسن العسكري ومن بعده إلى ابنه القائم المنتظر ويسمى بالمهدى وهو الذي غاب في سرداب في بيته حين هرب مع أمه من القتل وهو المهدى المنتظر الذي سيعود ويملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا ..

ويقول الشهرستانى إن هذا هو طريق الاثنى عشرية في زماننا .. وذكروا أسماء الأئمة الاثنى عشر فقالوا هم: المرتضى والمحتبى والشهيد والسجاب والباقر والصادق والكاظم والرضى والتقى والنقى والعسكرى والقائم المنتظر. إلا أن الاختلافات التي وقعت في حال كلا واحد منهم والمنازعات التي جرت بينهم وبين إخوتهم وبنى أعمامهم كثيرة جدًّا، ومن العجيب أن القائلين بإمامة المهدى المنتظر يدعون فيه أحكام الإلهية ويتناولون قوله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} على أن عالم الغيب والشهادة هو الإمام المنتظر الذي يرد إليه علم الساعة. ويدعون فيه أنه لا يغيب عنهم ويخبرهم بأهوالهم وما يكون من أمورهم إلى غير ذلك من الخلط والخبط والتحكمات الباردة الحمقاء ..

[الغلاة]

وأما الغلاة من الشيعة فهم الذين غلوا في حق أئمتهم غلوا كبيرًا حتى أخرجوهم من حدود الخلقية، وحكموا فيهم بأحكام الإلهية فربما شبهوا واحدًا من الأئمة بالإله .. وربما شبهوا الإله بالخلق .. وهم على طرفى الغلو والتقصير وإنما نشأت شبهاتهم من مذاهب الملولية ومذاهب التناسخية ومذاهب اليهود والنصارى … إذ اليهود شبهت الخالق بالخلق، والنصارى شبهت الخلق بالخالق؛ فسرت هذه الشبهات في أذهان الشيعة الغلاة حتى حكمت بأحكام إلهية في حق بعض الأئمة .. وكان التشبيه بالأصل والموضع في الشيعة .. وإنما عادت إلى بعض أهل السنة بعد ذلك .. وتمكن الاعتزال فيهم لما رأوا أن ذلك أقرب إلى المعقول من التشبيه والحلول وبدع الغلاة محصورة في أربع: التشبيه والبدء والرجعة والتناسخ .. ولهم ألقاب بكل بلد لقب .. يقال لهم بأصفهان الحزمية