لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} وفى ذلك دليل على عظم قدرهم عند الله وكرامتهم ودرجتهم عند الرسول .. فكيف يستجيز ذو دين الطعن فيهم ونسبة الكفر إليهم وقد قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "عشرة في الجنة" أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبى وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح .. إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في كل واحد منهم على الانفراد .. وإن تفلت هنات عن بعضهم فليتدبر النقل فإن أكاذيب الروافض كثيرة ..
ثم إن الإمامية لم يثبتوا في تعيين الأئمة بعد الحسن والحسين وعلي بن الحسين على رأى واحد .. بل اختلافاتهم أكثر من اختلافات الفرق كلها حتى قال بعضهم: إن نيفا وسبعين فرقة من الفرق المذكورة في الخبر هو في الشيعة خاصة ومن عداهم فهم خارجون عن الأمة وهم متفقون في سوق الإِمامة إلى جعفر الصادق بن محمد الباقر ومختلفون في المنصوص عليه بعده من أولاده .. إذ كان له خمسة أولاد وقيل ستة .. محمد وإسحاق وعبد الله وموسى وإسماعيل وعلى ومن ادعى منهم النص عليه والتعيين محمد وعبد الله وموسى وإسماعيل وعلى ومنهم من مات وأعقب ومنهم من لم يعقب .. ومن الإمامية من قال بالتوقف والانتظار والرجعة عند بعض الأشخاص .. ومنهم من قال بالسوق والتعدية كما سيأتي.
وكانوا في الأول على مذهب أئمتهم في الأصول ثم لما اختلفت الروايات عن أئمتهم وتمادى الزمان اختارت كل فرقة منهم طريقة .. وصارت الإمامية بعضها معتزلة، إما وعيدية وإما تفضيلية .. وبعضها إخبارية .. إما شبهة وإما سلفية .. وهناك منهم طائفة الباقرية والجعفرية أصحاب محمد الباقر وابنه جعفر الصادق .. قالوا بإمامتهما وإمامة والدهما على زين العابدين لأن منهم من توقف على الباقر وقال برجعته، ولم يعد الإمامة بعده ..
ومنهم من توقف على جعفر الصادق وهو ذو علم غزير في الدين، وأدب كامل في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات .. وقد أقام بالمدينة مدة بغير الشيعة المنتمين إليه ويفيض على الموالين له أسرار العلوم ثم دخل العراق وأقام بها مدة ما تعوض للإمامة قط .. ولا نازع أحدًا في الخلافة .. وهو من جانب الأب ينتسب إلى شجرة النبوة المباركة .. ومن جانب الأم ينتسب إلى أبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه وقد تبرأ عما ينسبه إليه بعض الغلاة ولعنهم وتبرأ من خصائص الرافضة وحماقاتهم من القول بالغيبة والرجعة، والبدء والتناسخ، والحلول والتشبيه ..
وهو برئ من ذلك ومن الاعتزال والقدر أيضا .. ولكن الشيعة اختلفوا بعده وتفرقوا وانتحل كل واحد منهم مذهبا وأراد أن يروجه على أصحابه ونسبه إليه وربطه به، وهو برئ من ذلك كله، وممن ظهر بعده طائفة الأفطحية نسبة إلى ابنه عبد الله الأفطح .. قالوا: إن الإمامة بعد جعفر الصادق انتقلت إلى ابنه عبد الله الأفطح وكان أسن أولاده زعموا أنه قال: الإِمامة في أكبر أولاد الإمام ولم يعش عبد الله هذا بعد أبيه إلا سبعين يوما ثم مات ولم يعقب ..
وقالت طائفة: إن الإمامة يعد الصادق انتقلت إلى ابنه موسى نصا عليه بالاسم حيث قال: صاحبكم قائمكم ألا وهو سمى صاحب التوارة