وقضية التعليل المذكور امتناع التوكيل عند جهل الموكل بحاله، وهو كما قال الاسنوى ظاهر.
أما ما يتأتى منه فلا يصح التوكيل فيه الا لعياله على ما اقتضاه كلام الجوزى.
واذا وكل باذن فالثانى وكيل الموكل، فلا يعزله الوكيل، وان فسق، لأن الموكل اذن له فى التوكيل لا فى العزل، سواء قال: وكل عنى أم أطلق، فان قال:
وكل عنك ففعل فالثانى وكيل الوكيل، لأنه مقتضى الاذن، وينعزل بعزل من أحد الثلاثة وانعزل بما ينعزل به الوكيل.
وحيث جاز له أى للوكيل توكل فليوكل وجوبا أمينا، رعاية لمصلحة الموكل، الا أن عين له الموكل المالك غيره أى غير أمين فيتبع تعيينه، لأن الحق له، أى ان علم الموكل بفسقه فوكله فزاد فسقه امتنع توكيله أيضا.
قال بعضهم: الا أن كان لو عرض على الموكل لرضيه.
[مذهب الحنابلة]
جاء فى كشاف (١) القناع: أنه ليس لوكيل توكيل فيما يتولى مثله بنفسه الا باذن موكل، لأنه لم يأذن له فى التوكيل، ولا تضمنه اذنه لكونه يتولى مثله، ولأنه استئمان فيما يمكنه النهوض فيه، فلم يكن له أن يوليه غيره كالوديعة، أو يقول الموكل.
وفى نسخة الا أن يقول له أى للوكيل اصنع ما شئت، أو تصرف كيف شئت فيجوز للوكيل أن يوكل، لأنه لفظ عام، فيدخل فى عموم التوكيل.
وان اذن الموكل لوكيله فى التوكيل تعين أن يكون الوكيل الثانى أمينا، لأنه لاحظ للموكل فى توكيل من ليس أمينا.
وكذا حيث جاز له التوكيل الا مع تعيين الموكل الأول بأن يقول له وكل زيدا فيوكله أمينا كان أو خائنا لأنه قطع نظره بتعيينه له.
فان وكل الوكيل حيث جاز أمينا فصار خائنا فعليه عزله، لأن تركه يتصرف تضييع وتفريط.
وكذا وصى يوكل فيما أوصى به اليه أى حكمه حكم الوكيل فليس له أن يوكل فيما يتولى مثله بنفسه، لأنه متصرف فى مال غيره بالاذن أشبه الوكيل.
(١) انظر كتاب كشاف القناع عن متن الاقناع للعلامة للشيخ منصور بن ادريس الحنبلى وبهامشه منته الارادات للشيخ منصور بن يونس البهوتى ج ٢ ص ٢٣٤، ص ٢٣٥ طبع المطبعة العامرة الشرفية بمصر سنة ١٣٢٩ هـ الطبعة الأولى.