للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعليه فالغرض بالاستنابة معاونته وهو راجع له.

قلت وفى هاتين الصورتين، وهما اذا قال عنى أو أطلق لا يعزل أحدهما الآخر، ولا ينعزل بانعزاله، لانتفاء كونه وكيلا عنه.

وحيث جوزنا للوكيل التوكيل عنه أو عن الموكل يشترط‍ أن يوكل أمينا كافيا لذلك التصرف، وان عين له الثمن والمشترى، اذ شرط‍ الاستنابة عن الغير المصلحة، الا أن يعين الموكل غيره أى الأمين، فيتبع تعيينه لأذنه فيه.

نعم لو علم الوكيل فسقه دون موكله لم يوكله فيما يظهر كما بحثه الاسنوى، كما لا يشترى ما عينه موكله ولم يعلم عيبه والوكيل يعلمه.

فان عين فاسقا فزاد فسقه امتنع توكيله أيضا كما بحثه الزركشى أخذا مما مر فى نظيره فى عدل الرهن لو زاد فسقه ومحل ما تقرر فيمن وكل عن نفسه.

فان وكل عن غيره كولى لم يوكل الا عدلا.

ومقتضى كلام المصنف عدم توكيل غير الأمين.

وان قال له وكل من شئت وهو كذلك خلافا للسبكى.

وفارق ما لو قالت لوليها: زوجنى ممن شئت حيث جاز له تزويجها من غير كفء بأن المقصود هنا حفظ‍ المال، وحسن التصرف فيه، وغير الأمين لا يتأتى منه ذلك وثم مجرد صفة كمال هى الكفاءة وقد يتسامح بتركها، بل قد يكون غير الكفء أصلح.

ولو وكل الوكيل أمينا فى شئ من الصورتين المتقدمتين ففسق لم يملك الوكيل عزله فى الأصح والله أعلم، لأنه اذن فى التوكيل دون العزل.

والثانى: نعم، لأن الاذن فى التوكيل يقتضى توكيل الامناء، فاذا فسق لم يجز استعماله فيجوز عزله.

وقال صاحب (١) البجرمى ولوكيل توكيل بلا اذن فيما لا يتأتى منه، لكونه لا يليق به، أو كونه عاجزا عنه عملا بالعرف، لأن التفويض لمثل هذا لا يقصد منه عينه، فلا يوكل العاجز الا فى القدر الذى عجز عنه، ولا يوكل الوكيل فيما ذكر عن نفسه بل عن موكله.

ولو وكله فيما يطيقه فعجز عنه لمرض أو غيره لم يوكل فيه.


(١) انظر كتاب حاشية العلامة البجرمى للشيخ سليمان البجرمى على شرح منهج الطلاب وبهامشه مع الشرح نفائس ولطائف للشيخ المرصفى ج ٣ ص ٥٩، ص ٦٠ طبع مطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة ١٣٤٥ هـ‍.