للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الشافعية]

جاء فى مغنى المحتاج أن أسباب الحدث الأصغر أربعة أحدها خروج شئ - عينا كان أو ريحا طاهرا أو نجسا جافا أو رطبا معتادا كبول أو نادرا كدم، انفصل أولا قليلا أو كثيرا طوعا أو كرها - من قبل المتوضئ الحى الواضح ولو بخروج الولد أو من أحد ذكرين يبول بهما أو أحد فرجين يبول بأحدهما ويحيض بالآخر، فان بال بأحدهما أو حاض به فقط‍ اختص الحكم به أما المشكل فان خرج الخارج من فرجيه جميعا فهو محدث وان خرج من أحد فالحكم كما لو خرج من ثقبة تحت المعدة مع انفتاح الأصلى وسيأتى أنه لا نقض بها، أو خروج شئ من دبر المتوضئ الحى والأصل فى ذلك قول الله عز وجل «أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ‍} الآية (١)».

وحديث الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى المذى: يغسل ذكره ويتوضأ وفيهما اشتكى الى النبى صلّى الله عليه وسلّم الذى يخيل اليه انه يجد الشئ فى الصلاة قال لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا والمراد العلم بخروجه لا سمعه ولا شمه وليس المراد حصر الناقض فى الصوت والريح بل نفى وجوب الوضوء بالشك فى خروج الريح ويقاس بما فى الآية والأخبار كل خارج مما ذكر وان لم تدفعه الطبيعة كعود خرج من الفرج بعد أن دخل فيه ولو انسد مخرجه الأصلى من قبل أو دبر بأن لم يخرج شئ منه وان لم يلتحم وانفتح مخرج بدله تحت معدته فخرج منه المعتاد خروجه كبول نقض اذ لا بد للانسان من مخرج يخرج منه ما تدفع الطبيعة فأقيم هذا مقامه، وكذا نادر كدود ودم فى الأظهر لقيامه مقام الأصلى، وكما ينقض الخارج النادر منه فكذلك هذا أيضا، والثانى لا لأنا انما أقمناه مقام الأصلى للضرورة ولا ضرورة فى خروج غير المعتاد، وما تقرر من الاكتفاء بأحد المخرجين هو ظاهر كلام الجمهور وهو المعتمد، وان صرح الصيمرى باشراط‍ انسدادهما وقال لو انسد أحدهما فالحكم للباقى لا غير، أو انفتح فوق المعدة - والمراد فوق تحتها حتى تدخل هى بأن انفتح فى السرة أو بمحاذيها أو فيما فوق ذلك - والأصلى منسد، أو تحتها وهو منفتح فلا ينقض الخارج منه فى الأظهر أما فى الأولى فلأن ما يخرج من فوق المعدة أو منها أو من محاذيها لا يكون مما أحالته الطبيعة لأن ما تحيله تلقيه الى أسفل فهو بالقئ أشبه وأما فى الثانية فلا ضرورة الى جعل الحادث مخرجا مع انفتاح الأصلى والقول الثانى فى المقابل للأظهر ينقض فيهما ولو نادرا أما فى الأولى فلأنه لا بد من مخرج وأما فى الثانية فلأنه كالمخرج المعتاد وحيث أقمنا المنفتح كالأصلى انما هو بالنسبة للنقض بالخارج منه فلا يجزئ فيه الحجر ولا ينتقض الوضوء بمسه ولا يجب الغسل ولا غيره من أحكام الوط‍ ء بالايلاج فيه ولا يحرم النظر اليه حيث كان فوق العورة.

قال الماوردى رحمه الله تعالى هذا من الانسداد العارض أما الخلقى فينقض معه الخارج من المنفتح مطلقا والمنسد حينئذ كعضو زائد من الخنثى لا وضوء بمسه ولا غسل بايلاجه والايلاج فيه وظاهر كلام الماوردى ان الحكم حينئذ للمنفتح مطلقا حتى يجب الوضوء بمسه والغسل بايلاجه والايلاج فيه وغير ذلك وهو كذلك كما اعتمده شيخى رحمه الله تعالى وان استبعده بعض المتأخرين ومما يرد الاستبعاد أن الانسان لو خلق له ذكر فوق سرته يبول منه ويجامع به ولا ذكر له سواه ألا ترى أنا ندير الأحكام عليه ولا ينبغى ان يقال أنا نجعل له حكم النقض فقط‍ ولا حكم له غير ذلك (٢).

والسبب الثانى زوال العقل أى زوال التمييز بنوم أو غيره كاغماء وسكر وجنون وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: العينان


(١) الآية رقم ٦ من سورة النساء
(٢) مغنى المحتاج الى معرفة ألفاظ‍ المنهاج للخطيب الشربينى ج ١ ص ٣٢ وما بعدها الى ص ٣٤ فى كتاب على هامشه المنهاج