للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكاء السه (١) فمن نام فليتوضأ رواه أبو داود وغيره والمعنى فيه ان اليقظة هى الحافظة لما يخرج والنائم قد يخرج منه الشئ ولا يشعر به وغير النوم مما ذكر أبلغ منه فى الذهول الذى هو مظنة لخروج شئ من الدبر كما أشعر به الخبر أما النعاس وحديث النفس وأوائل نشوة السكر فلا نقض بها، ولو شك هل نام أو نعس أو نام ممكنا أولا لم ينقض ولو تيقن الرؤيا وشك فى النوم انتقض لأنها من علاماتها الا نوم ممكن مقعده من مقره من أرض أو غيرها فلا ينقض وضوؤه ولو مستندا الى ما لو زال لسقط‍ لأمن خروج شئ حينئذ من دبره ولا عبرة باحتمال خروج ريح من قبله لأنه نادر ومثل ذلك ما لو نام متمكنا بالمنفتح الناقض كما يؤخذ من كلام التنبيه ولقول أنس رضى الله تعالى عنه كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون رواه مسلم، وفى رواية لأبى داود:

ينامون حتى تخفق رءوسهم الأرض، وحمل على نوم الممكن جمعا بين الحديثين، ودخل فى ذلك ما لو نام محتبيا، ولا فرق فى ذلك بين النحيف وغيره وهو ما صرح به فى الروضة وغيرها، وقال ابن الرفعة رحمه الله تعالى انه المذهب، ونقل الرافعى رحمه الله تعالى فى الشرح الصغير عن الرويانى ان النحيف ينتقض وضوؤه وقال الأذرعى أنه الحق وجمع شيخى بينهما بأن عبارة الروضة محمولة على نحيف لم يكن بين مقره ومقعده تجاف والشرح على خلافه وهو جمع حسن لكن عبارة الشرح الصغير بين بعض مقعده ومقره تجاف فيكون الفرق التجافى الكامل ولا تمكين لمن نام على قفاه ملصقا مقعده بمقره وكذا لو تحفظ‍ بخرقة ونام غير قاعد، ولو نام متمكنا فسقطت يده على الأرض لم ينتقض ما لم تزل اليته عن التمكن ومن خصائصه صلّى الله عليه وسلم أنه لا ينتقض وضوؤه بنومه مضطجعا ويستحب الوضوء من النوم متمكنا خروجا من الخلاف (٢).

السبب الثالث: التقاء بشرتى الرجل والمرأة لقول الله عز وجل «أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ} (٣)» أى لمستم فعطف اللمس على المجئ من الغائط‍ ورتب عليهما الأمر بالتيمم عند فقد الماء فدل على أنه حدث كالمجئ من الغائط‍ لا جامعتم لأنه خلاف الظاهر اذ اللمس لا يختص بالجماع قال تعالى «فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} (٤)».

وقال صلّى الله عليه وسلّم: (لعلك لمست) ولا فرق فى ذلك بين ان يكون بشهوة أو اكراه أو نسيان أو يكون الذكر ممسوحا أو خصيا أو عنينا أو المرأة عجوزا شوهاء أو كافرة بتمجس أو غيره أو حرة أو رقيقة أو العضو زائدا أو أصليا سليما أو أشل أو أحدهما ميتا لكن لا ينتقض وضوء الميت واللمس الجس باليد والمعنى فيه أنه مظنة ثوران الشهوة ومثله فى ذلك باقى صور الالتقاء فألحق به بخلاف النقض بمس الفرج كما سيأتى فانه يختص ببطن الكف لأن المس انما يثير الشهوة ببطن الكف واللمس يثيرها به وبغيره. والبشرة ظاهر الجلد وفى معناها اللحم كلحم الاسنان واللسان واللثة وباطن العين أما اذا كان على البشرة حائل ولو رقيقا فلا ينقض نعم لو كثر الوسخ على البشرة من العرق فان لمسه ينقض لأنه صار كالجزء من البدن بخلاف ما اذا كان من غبار. ولا ينقض التقاء بشرتى الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة أو الخنثى مع الرجل أو المرأة ولو بشهوة لانتفاء مظنتها ولاحتمال التوافق فى صور الخنثى هذا اذا التقى بشرتا الرجل والمرأة غير المحرم أما المحرم (٥) له بنسب أو رضاع أو مصاهرة فلا ينقض لمسها ولو بشهوة فى الأظهر لأنها ليست مظنة للشهوة بالنسبة اليه كالرجل وهى من حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها والقول الثانى المقابل للأظهر تنقض لعموم الآية والأصح الجواز، وقيل لا ينقض


(١) السه بسين مشددة مفتوحة وهاء حلقة الدبر والوكاء بكسر الواو والمد: الخيط‍ الذى يربط‍ به الشئ
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ٣٤، ص ٣٥ الطبعة السابقة
(٣) الآية رقم ٦ من سورة النساء
(٤) الآية رقم ٧ من سورة الأنعام
(٥) المحرم من حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها