للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على قيمته لم يكن عليه أن يقبل الزيادة، لأن الزيادة فى موضوع الهبة فان فلس الغريم وقد شهد له شاهد بحق على آخر فأبى أن يحلف مع شاهده أبطلنا حقه اذا أحلفنا المشهود عليه ولم نجعل للغرماء أن يحلفوا.

لأنه لا يملك الا بعد اليمين، فلما لم يكن مالكا لم يكن عليه أن يحلف، وكذلك لو ادعى عليه فأبى أن يحلف ورد اليمين فامتنع المفلس من اليمين بطل حقه، وليس للغرماء أن يحلفوا، لأنهم ليسوا مالكين الا ما ملك ولا يملك الا بعد اليمين.

ولو جنى هو بعد التفليس جناية عمدا أو استهلك مالا كان المجنى عليه والمستهلك له أسوة الغرماء فى ماله الموقوف لهم بيع أو لم يبع ما لم يقتسموه فاذا اقتسموه نظرنا فان كانت الجناية قبل القسم دخل معهم فيما اقتسموا، لأن حقه لزمه قبل أن يقسم ماله، وان كانت الجناية بعد القسم لم يدخل معهم لأنهم قد ملكوا ما قسم لهم وخرج عن ملك المفلس والجناية والاستهلاك دين عليه سواء (١).

ولو أن ماشية لرجل ماتت كان له أن يسلخ جلودها فيدبغها، ولو استهلكها رجل قبل الدباغ لم يضمن لصاحبها شيئا، لأنه لا يحل ثمنها حتى تدبغ ولو ورث المسلم خمرا، أو وهبت له فاستهلكها مستهلك وهى خمر أو بعد ما أفسدت وقبل أن تصير خلا لم يضمن ثمنها فى تلك الحال،

لأنها لا تحل للمسلم الا بأن يفسدها فيجعلها خلا، لأن أصلها محرم ولم تصر خلا (٢).

وان أسلف سلفا فاسدا وقبضه رده وان استهلكه رد مثله ان كان له مثل أو قيمته ان لم يكن له مثل ورجع برأس ماله (٣).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى منتهى الارادات: ان عقد البيع لا ينفسخ ان أتلف المشترى المبيع أو عيبه، ومن ثم فلا خيار له، لأن اتلافه كقبضه، واذا عيبه فقد عيب مال نفسه فلا يرجع بأرشه على غيره.

وان تلف المبيع أو تعيب بفعل بائع أو بفعل أجنبى غير بائع ومشتر يخير المشترى بين فسخ البيع ويرجع على البائع بما أخذ من ثمنه، لأنه مضمون عليه الى قبضه، وبين امضاء البيع وطلب المتلف بمثل مثلى أو قيمة متقوم فى حالة الاتلاف، وبأرش نقص ومطالبة معيبه بأرش النقص فى حالة التعييب، لتعديهما على ملك الغير.

وعلم من ذلك أن العقد لا ينفسخ بتلف المبيع بفعل آدمى بخلاف تلفه بفعل الله تعالى، لأنه لا مقتضى للضمان سوى حكم العقد، بخلاف اتلاف الآدمى فانه يقتضى الضمان بالبدل ان أمضى العقد،


(١) المرجع السابق ج ٣ ص ١٨٠ الطبعة المتقدمة.
(٢) المرجع السابق ج ٢ ص ٢٠٥ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج ٣ ص ١٩ الطبعة المتقدمة.