للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجزم البغوى فى فتاويه بالثانى، على قياس ما صنع فى الزكاة.

أما من لا يملك ذلك كمن ملك رقيقا وهو محتاج الى خدمته، لمرض، أو كبر، أو ضخامة مانعة من خدمة نفسه، أو منصب يأبى أن يخدم نفسه، فهو فى حقه كالمعدوم.

ولا يلزمه بيع ضيعة أى عقار ورأس مال لتجارة وماشية لا يفضل دخلها من غلة الضيعة وربح مال التجارة وفوائد الماشية من نتاج وغيره من تلك أى كفاية ممونة لتحصيل رقيق يعتقه لحاجة اليها، بل يعدل الى الصوم، فان فضل دخلها عن تلك لزمه بيعها. ولا بيع مسكن ورقيق نفيسين ألفهما لعسر مفارقة المألوف ونفاستهما، بأن يجد بثمن المسكن مسكنا يكفيه ورقيقا يعتقه وبثمن الرقيق رقيقا يخدمه ورقيقا يعتقه، فان لم يألفهما وجب بيعهما لتحصيل عبد يعتقه، ولا يلزمه شراء بغبن، كأن وجد رقيقا لا يبيعه مالكه الا بأكثر من ثمن مثله، ولا يعدل الى الصوم بل عليه الصبر الى أن يجده بثمن المثل.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى (١): أن من له دار لا غنى له عن سكناها أو دابة يحتاج الى ركوبها أو خادم يحتاج الى خدمته أجزأه الصيام فى الكفارة.

وجملته أن الكفارة انما تجب فيما يفضل عن حاجته الاصلية والسكنى من الحوائج الاصلية، وكذلك الدابة التى يحتاج الى ركوبها، لكونه لا يطيق المشى فيما يحتاج اليه أو لم تجر عادته به، كذلك الخادم الذى يحتاج الى خدمته، لكونه ممن لا يخدم نفسه، لمرض أو كبر أو لم تجر عادته به، وهذه الثلاثة من الحوائج الاصلية لا تمنع التكفير بالصيام.

اذا ثبت هذا فانه ان كان فى شئ من ذلك فضل عن حاجته مثل من له دار كبيرة تساوى أكثر من دار مثله ودابة فوق دابة مثله وخادم فوق خادم مثله يمكن أن يحصل به قدر ما يحتاج اليه وتفضل فضلة يكفر بها، فانه يباع منه الفاضل عن كفايته، أو يباع الجميع ويبتاع له قدر ما يحتاج اليه، ويكفر بالباقى، وان تعذر بيعه، أو أمكن البيع ولم يمكن شراء ما يحتاج اليه ترك ذلك، وكان الانتقال الى الصيام، لانه تعذر الجمع بين القيام بحاجته والتكفير بالمال، فأشبه ما لو لم يكن فيه فضل، فان كان من له عقار يحتاج الى أجرته لمؤنته وحوائجه الاصلية كان له أن يكفر بالصيام، لان ذلك مستغرق لحاجته الاصلية فأشبه العدم.

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار وهامشه (٢):

أن العبرة فى الكفارة بالوجود كما ذكره الله تعالى فى كتابه الكريم من العتق والكسوة


(١) المغنى لابن قدامه المقدسى ج ١١ ص ٢٧٨، ص ٢٧٩ الطبعة السابقة.
(٢) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار ج ٤ ص ٤٣ وهامشه الطبعة السابقة.