للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معه فأسهل أن يعطى بعضه فى هذا البلد وبعضه فى البلد الآخر فأما ان كان المال فى البلد الذى هو فيه حتى يمكث فيه حولا تاما فلا يبعث بزكاته الى بلد آخر، واذا كان المال فى بلد أو مكان لا فقراء فيه فيفرقها فى أقرب البلاد اليه لأنهم أولى وعليه مؤنة نقل وكيل ووزن.

وان أخرج الزكاة فضاعت قبل دفعها الى الفقير لم تسقط‍ عنه لأنها حق متعين على رب المال فلم يبرأ منه بالتلف وذلك كأن عزلها ينوى بها أنها زكاة سواء قدر على دفعها أو لم يقدر (١).

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى: الزكاة واجبة فى ذمة صاحب المال، فمن وجبت عليه زكاته فأعطى زكاته الواجبة عليه من غير ما وجبت عنه الزكاة فانه لا يمنع من ذلك ولا يكره ذلك له، بل سواء أعطى من تلك العين أو مما عنده، من غيرها أو مما يشترى أو مما يوهب له أو مما يستقرض ولو أخرج الزكاة وعزلها ليدفعها الى المصدق أو إلى أهل الصدقات فضاعت الزكاة كلها أو بعضها فعليه اعادتها كلها ولا بد، لأنها فى ذمته حتى يوصلها إلى من أمره الله تعالى بايصالها اليه. وليس على من وجبت عليه الزكاة ايصالها الى السلطان، لكن عليه أن يجمع ماله للمصدق ويدفع اليه الحق، ثم مؤنة نقل ذلك من نفس الزكاة، فان لم يكن مصدق فعلى من عليه الزكاة ايصالها الى من يحضره من أهل الصدقات ولا مزيد. ولا يجزئ أداء الزكاة اذا أخرجها المسلم عن نفسه أو وكيله بأمره الا بنية أنها الزكاة المفروضة عليه فان أخذها الامام وساعيه أو أميره أو ساعيه فبنية كذلك لقول الله تعالى «وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ٢» ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات» فلو أن امرءا أخرج زكاة مال له غائب فقال: هذه زكاة مالى ان كان سالما، والا فهى صدقة تطوع لم يجز ذلك عن زكاة ماله ان كان سالما لأنه لم يخلص النية للزكاة محضة كما أمر، وانما يجزئه ان أخرجها على أنه زكاة ماله فقط‍ فان كان المال سالما أجزأه، لأنه أداها كما أمر مخلصا لها، وان كان المال قد تلف فان قامت له بينة فله أن يسترد ما أعطى، وان فاتت أدى اليه الامام ذلك من سهم الغارمين (٣).

[مذهب الزيدية]

قال الزيدية: ولايتها - أى الزكاة - للامام ظاهرة وباطنة ولا ولاية لرب المال فيها مع وجود الامام العادل، وتثبت ولايته اليه حيث تنفذ أوامره ونواهيه، وأما الموضع الذى لا تنفذ فيه أوامره فلا ولاية له، وقال فى الياقوتة: والأفضل دفعها الى الامام وقال المؤيد بالله والصادق بالله: بل الولاية اليه


(١) المغنى لابن قدامة ح‍ ٢ من ص ٥٠٥ الى ص ٥٠٩ من ص ٦٦٨ الى ص ٦٨٩ الطبعة الاولى طبع مطبعة المنار بمصر سنة ١٣٤١ هـ‍ والروض المربع بشرح زاد المستقنع مختصر المقنع ح‍ ١ من ص ١١٧ الى ص ١١٩ الطبعة السادسة طبع المطبعة السلفية بالقاهرة سنة ١٣٨٠ هـ‍.
(٢) الآية رقم ٥ من سورة البينة.
(٣) المحلى ح‍ ٥ ص ٢٦٢، ص ٢٦٣ وح‍ ٦ من ص ٩١ الى ص ٩٥.