والسلطان ينويان عند الحاجة فاذا ثبت هذا فان النية أن يعتقد أنها زكاته أو زكاة من يخرج عنه ومحلها القلب. والأولى قرن النية بالدفع، ويجوز تقديم النية على الأداء بالزمن اليسير كسائر العبادات ولأن هذه تجوز النيابة فيها فاعتبار مقارنة النية للاخراج يؤدى الى التغرير بماله فان دفع الزكاة الى وكيله ونوى هو دون الوكيل جاز اذا لم تتقدم نيته الدفع بزمن طويل وان تقدمت بزمن طويل لم يجز الا أن يكون قد نوى حال الدفع الى الوكيل ونوى الوكيل عند الدفع الى المستحق، ولو نوى الوكيل ولم ينو الموكل لم يجز لأن الفرض يتعلق به والاجزاء يقع عنه، وان دفعها الى الامام ناويا ولم ينو الامام حال دفعها الى الفقراء جاز وان طال لأنه وكيل الفقراء ولو تصدق الانسان بجميع ماله تطوعا ولم ينوبه الزكاة لم يجزئه، واذا أخذها الامام منه قهرا أجزأت من غير نية لأن تعذر النية فى حقه أسقط وجوبها عنه كالصغير والمجنون وقال القاضى: متى أخذها الامام أجزأت من غير نية سواء أخذها طوعا أو كرها.
ويستحب للانسان أن يلى تفرقة الزكاة بنفسه ليكون على يقين من وصولها لمستحقها سواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة قال الامام أحمد أعجب الى أن يخرجها وان دفعها الى السلطان فهو جائز، وله أن يدفعها الى الساعى، وروى عن أحمد أنه قال: أما صدقة الأرض فيعجبنى دفعها الى السلطان وأما زكاة الأموال كالمواشى فلا بأس أن يضعها فى الفقراء والمساكين ولنا على جواز دفعها بنفسه أنه دفع الحق الى مستحقه الجائز تصرفه فأجزأه، والآية «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها» تدل على أن للامام أخذها ولا خلاف فيه، ومطالبة أبى بكر وقتاله انما كان لمن لم يخرج الزكاة ويؤدها الى أهلها ولو أدوها الى أهلها لما قاتلهم عليها، وانما يطالب الامام بحكم الولاية والنيابة عن مستحقيها فاذا دفعها اليهم - من وجبت عليه - جاز لأنهم أهل رشد فجاز الدفع اليهم والأفضل اخراج زكاة كل مال فى فقراء بلده، ويجوز نقلها الى ما دون مسافة القصر فى بلد المال لأنه فى حكم بلد واحد، ولا يجوز نقلها مطلقا الى بلد تقصر فيه الصلاة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه الى اليمن «أعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» فان فعل أجزأت لأنه دفع الحق الى مستحقه وهو قول أكثر أهل العلم واختارها أبو الخطاب وقيل لا تجزئ لأنه دفع الزكاة الى غير من أمر بدفعها اليه وقيل تجزئه مع الاثم، وقال أحمد فى رواية محمد بن الحكم: اذا كان الرجل فى بلد وماله فى بلد فأحب الى أنه يؤدى حيث كان المال فان كان بعضه حيث هو وبعضه فى مصر يؤدى زكاة كل مال حيث هو، فان كان غائبا عن مصره وأهله والمال