الا ان كان الباقى للولد. واستدل بعض بحديث أنه «لا يحل لأحد الرجوع فى هبته الا للوالد» على أنه لا يجوز له الرجوع فيما وهبه لولده، فحرمت على الواهب. بمجرد القبول. كذا قيل. وصاحب «شرح النيل» يرى أن الحديث يدل على أنها تحرم عليه بمجرد الهبة ولو لم يكن قبول الا ان ردها الموهوب له. قال الشيخ: الهبة عقد كالبيع.
بل قالوا تقوم مقام البيع، يعنى تجوز فى موضع يجوز فيه، وتبطل حيث يبطل، بل هى أسهل لأنها قربة وصح عود والد فى الهبة، وذلك فى الحكم، وعند الله إلا أن عنى التقرب إلى الله بإعطائه ولده فلا يجوز له الرجوع عند الله. وإن أحدث الولد أمرا فيه لم يصح الرجوع الا ان رجع، إلا إن خرج من ملكه ثم رجع فلا رجوع للأب فيه، وليس لغير الوالد الرجوع لحديث:«لا يحل الرجوع فى الهبة إلا الوالد. والراجع فيها كالراجع فى القئ والرجوع فى القئ حرام» وان كان الولد بالغا فوهب له أبوه هبة وميزها له وهو فى عيال الأب ولم يقبض لا تجوز. وعن ابن الليث وعن الداودى عن بعض المالكية جواز رجوع الأم أيضا كالأب. قال وهو قول أكثر الفقهاء.
الا أن المالكية فرقوا بينهما فأجازوا رجوعها ان كان الأب حيا، وقيدوا رجوع الأب أيضا بما اذا لم يحدث الابن بها دينا أو نكاحا أو حدثا وبه قال القرطبى (١).
[الأم والنسب]
[مذهب الحنفية]
جاء فى «كتاب الفتاوى الهندية» أن لثبوت النسب ثلاث مراتب هى:
الأولى: النكاح الصحيح وما هو فى معناه من النكاح الفاسد والحكم فيه أنه يثبت النسب من غير دعوى ولا ينتفى بمجرد النفى وانما ينتفى باللعان فان كانا ممن لا لعان بينهما لا ينتفى نسب الولد.
الثانية: أم الولد والحكم فيها أن يثبت النسب من غير دعوى وينتفى بمجرد النفى كذا فى الظهيرية وذكر فى النهاية معزيا الى المبسوط انما يملك نفيه ما لم يقض القاضى به أو لم يتطاول ذلك فأما اذا قضى القاضى به فقد لزمه على وجه لا يملك ابطاله وكذا بعد التطاول قالوا: وانما يثبت نسب ولد أم الولد بدون الدعوى ان كان يحل للمولى وطؤها. أما اذا كان لا يحل فلا يثبت النسب بدون الدعوى كأم ولد كاتبها مولاها أو أمة مشتركة بين اثنين استولدها احدهما، ثم جاءت بولد بعد ذلك لا يثبت النسب بدون الدعوى وكذا لو حرم وطؤها عليه بعد ذلك بوط ء ابيه أو ابنه أو بوطئه أمها أو بنتها لم يثبت نسب ما تلده بعد ذلك الا بالدعوى.
الثالثة: الأمة اذا جاءت بولد لا يثبت النسب بدون الدعوى وحكم المدبرة كحكم الأمة فى انه لا يثبت النسب منه بدون دعوة المولى وان كان يطأ الأمة ولا يعزل عنها لا يحل له نفيه فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى ويلزمه أن يعترف به وان كان يعزل عنها
(١) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد ابن يوسف أطفيش ح ٦ ص ٢ - ٩ نفس الطبعة السابقة.