للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذلك سن أن يسترسل المؤذن فى الأذان ويحدر فى الاقامة لقول النبى صلى الله عليه وسلم لبلال رضى الله عنه: اذا أذنت فترسل واذا أقمت فاحدر، وفى رواية فاحذم، وفى رواية فاحذف.

ولأن الأذان لاعلام الغائبين بهجوم الوقت واذا فى الترسل أبلغ والاقامة لاعلال الحاضرين بالشروع فى الصلاة وانه يحصل بالحدر.

ولو ترسل فيهما أو حدر أجزاه لحصول أصل المقصود وهو الاعلام (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل انه يندب فى المؤذن أن يكون مرتفع الصوت لأن المقصود من الأذان الاعلام، واذا كان مرتفع الصوت كان أبلغ فى الأسماع ولذلك يختار للأذان أصحاب الأصوات الندية المرتفعة المستحسنة.

ويكره فى ذلك ما فيه غلظة أو فظاعة أو تكلف زيادة، ولذلك قال عمر بن عبد العزيز أذن أذانا سمحا والا فاعتزلنا وفى التوضيح وروى الدار قطنى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان له مؤذن يطرب فى أذانه فقال له صلى الله عليه وسلم الأذان سهل سمح فان كان أذانك سهلا سمحا فأذن والا فلا، وقال فى النوادر:

والسنة أن يكون الأذان مرسلا معلنا يرفع به الصوت وقال ابن الفكهانى فى شرح الرسالة فى صفات الأذان:

الأولى أن يبالغ فى رفع الصوت به مالم يشق عليه إذا المقصود منه الإعلام فكلما رفع صوته به كان أبلغ فى المقصود.

وقال فى مختصر الوقار. ويجتهد مؤذنوا مساجد الجماعات فى مد أذانهم ورفع أصواتهم (٢).

لانتفاع أهل البيوت ولاقتداء مؤذنى العشائربهم.

وظاهر كلامهم أن المطلوب فى اقامة المنفرد أن يكون سرا قال ابن المسيب وابن المنكدر ومن صلى وحده فليسر الاقامة فى نفسه وقال المغربى:

وظاهر الكتاب: أن الأسرار مطلوب واليه ذهب أبو عمران قائلا: مخافة أن يشوش على من عسى أن يكون قد يصلى هناك.

واختصره ابن يونس فى قوله فلا بأس ان يسر الاقامة فى نفسه قال ابن الحاجب واسرار المنفرد حسن.

قال ابن هارون: هكذا وقع فى المدونة وفيه نظر لاحتمال أن يريد غير الاسرار وهو الجهر أحسن لقول أبى محمد عن أشهب: أحب الى رفع الصوت بالاقامة ولم يحفظه ابن عبد السلام بل قال لو اختير فيها رفع الصوت لكان أحسن لأن الشيطان اذا سمع التثويب أدبر ومباعدة الشيطان مطلوبة لا سيما فى هذه الحال. قلت ظاهره أن أشهب يخالف فى اقامة المنفرد ويرى الجهر بها أولى.

ولم أر من صرح بذلك الا ما يفهم من كلام ابن عرفه قيل لأشهب: أيؤذن على المنار أو فى سطح المسجد؟ قال: أحب الى من الأذان أسمعه للقوم وأحب الى فى الاقامة أن تكون فى صحن المسجد وقرب الامام وكل واسع وأحب الى أن يرفع صوته بالأذان والاقامة.

قال صاحب الطراز: من أقام فى المسجد بعد ما صلى أهله لا يجهر بذلك لما فيه من اللبسة والدلسة ولأنه اذا سمع منه ذلك مرارا يظن به الخروج عن رأى الامام وعما عليه الجماعة وأنه يتعمد أن يصلى وحده.


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج‍ ١ ص ١٤٩ الطبعة السابقة.
(٢) مواهب الجليل شرح مختصر أبى الضياء خليل المعروف بالحطاب ج‍ ١ ص ٤٣٧ الطبعة السابقة.