للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحكمها حكم اللقطة لأن هذا أحد نوعى اللقطة وقد روينا في هذا الباب عن سيدنا عمر - رضي الله عنه - أنه قال لواجد البعير الضال: أرسله حيث وجدته وهذا يدل على انتفاء وجوب الضمان.

[مذهب المالكية]

لو ادعى (١) صاحب اللقطة على الملتقط أنه التقط اللقطة ليذهب بها فالقول قول الملتقط أنه التقطها ليعرف بها بغير يمين وهذا ما قاله ابن عبد السلام وأشهب وما عزاه لأشهب هو في المدونة ونصها وإن ضاعت اللقطة من الملتقط لم يضمن قال ابن يونس قال أشهب وابن نافع وعليه اليمين ومذهب الكتاب في هذا لا يحق عليه إلا أن يتهم وقال ابن رشد وهذا من كلام أبي الحسن ونحوه في التوضيح ثم قال في المدونة وإن قال له ربها أخذتها لتذهب بها وقال الملتقط بل لأعرفها صدق المتقط قال ابن يونس قال أشهب بلا يمين، وقال ابن رشد في المقدمات ولا يعرف الوجه الذي التقطها عليه إلا من قبله فإن تلفت عنده أو ادعى تلفها وادعى أنه أخذها ليحرزها على صاحبها فهو مصدق دون يمين إلا أن يتهم وسواء أشهد حين التقطها أو لم يشهد على مذهب الإمام مالك - رضي الله عنه - (٢) ثم قال والعبد إذا أبق من الذي هو في يده فلا ضمان عليه ثم بالغ فقال وإن كان الذي هو في يده أخذه من ربه على جهة الرهن لكن يحلف في مسألة الرهن لأنه إذا أبق منه قال الوجداجى فلا يخلو من أن يهرب من الدار أو يرسله إلى بعض حوائجه فإن أبق من داره فإن ظهر ذلك واشتهر قبل قوله بلا يمين قولا واحدا كان ممن يتهم أم لا فإن لم يكن إلا دعواه هل يحلف أم لا المذهب على ثلاثة أقوال أحدها أنه لا يمين عليه وهو ظاهر المدونة والثانى أنه يحلف لقد انفلت منه غير تفريط وهو قول ابن الماجشون والثالث إن كان من أهل التهمة حلف وإلا فلا وإن أرسله في حاجة خفيفة فلا ضمان عليه وإن أرسله في حاجة يأبق في مثلها فهو ضامن وهو قول أشهب في كتابه.

[مذهب الشافعية]

جاء في نهاية (٣) المحتاج: أنهم أجمعوا على جواز أخذ اللقطة في الجملة لأحاديث فيها يأتى بعضها مع أن الآيات الشاملة للبر والإحسان تشملها. وفى اللقَّط معنى الأمانة إذ لا يضمنها. والولاية الدلالة على حفظها كالولى في مال المحجور والاكتساب بتملكها بشرطه وهو المغلب فيها ويستحب الالتقاط لواثق بأمانة نفسه لما فيه من البر بل قال جمع يكره تركه لئلا تقع في يد خائن وقيل يجب حفظ المال لآدمى كنفسه ورد بأنها أمانة أو كسب وكل منهما غير واجب ابتداء وما ذكره بعضهم من وجوبها حيث لم يكن ثم غيره: ثم قال (٤): ولا يستحب لغير واثق بأمانة نفسه مع عدم فسقه خشية الضياع أو طرد الخيانة ويجوز له مع ذلك الالتقاط في الأصح لأن خيانته لم تتحقق وعليه الاحتراز أما إذا علم من نفسه الخيانة فيحرم عليه قبولها كالوديعة وقد صرح بذلك ابن سراقة، والثانى لا يجوز خشية استهلاكها.


(١) من كتاب مواهب الجليل لشرح خليل ج ٦ ص ٧٧ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق جـ ٦ ص ٨٥ الطبعة السابقة.
(٣) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج جـ ٥ ص ٢٤٣ للإمام شمس الدين محمد أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملى المنوفى المصري الأنصارى الشهير بالشافعى الصغير في كتاب معه حاشية أبي الضياء نور الدين على بن علي الشيراملى القاهرى وبالهامش حاشية أحمد بن عبد الرازق بن محمد أحمد المعروف بالمغربى الرشيدى طبع مطبعة شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة ١٣٥٧ هـ، سنة ١٩٣٨ م
(٤) المرجع السابق جـ ٥ ص ٤٢٤ نفس الطبعة المتقدمة.