للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله لك فى مولودك وجعله الله لك خَلَفًا مباركا وأمن على دعائه، أو قال: استجاب الله دعاءك، سقط حقه من النفى؛ لأن ذلك يتضمن الإقرار به، وإن قال: أحسن الله جزاءك أو بارك الله عليك أو رزقك الله مثله لم يسقط حقه من النفى؛ لأنه يحتمل أنه قال له ذلك ليقابل التحية بالتحية (١).

ثالثًا: إنكار نسب الوارث وما يترتب عليه:

جاء في (المهذب): إن أقر رجل على نفسه بنسب مجهول النسب يمكن أن يكون منه فإن كان المقر به صغيرًا أو مجنونًا ثبت نسبُه؛ لأنه أقر له بحق فثبت كما لو أقر له بمال فإن بلغ الصبى أو أفاق المجنونُ وأنكر النسبَ لم يسقط النسَبُ؛ لأنه حكم بثبوته فلم يسقط برده.

وإن مات رجل وخلف ابنًا فأقر على أبيه بنسب فإنه لا يرثه بأن كان عبدًا أو قاتلًا أو كافرًا، والأب مسلم لم يقبل إقراره؛ لأنه لا يقبل إقراره عليه بالمال، فلا يقبل إقراره عليه في النسب كالأجنبى، وإن كان يرثه فأقر عليه بنسب لو أقر به الأب لحقه، فإن كان قد نفاه الأب لم يثبت؛ لأنه يحمل عليه نسبًا حكم ببطلانه، وإن لم ينفه الأب ثبت النسب بإقراره؛ لما روت عائشة - رضى الله عنها - قالت: "اختصم سعد بن أبى وقاص وعبد بن زمعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى ابن أمة زمعة - فقال سعد بن أبى وقاص: أوصانى أخى عتبة إذا قدمت مكة أن أنظر إلى ابن أمة زمعة وأقبضه فإنه ابنه، وقال عبد بن زمعة أخى وابن وليدة أبى، ولد على فراشه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الوالد للفراش وللعاهر الحجر" (٢) وإن مات وله ابنان فأقر أحدهما بنسب ابن لأبيه وأنكر الآخر لم يثبت؛ لأن النسب لا يتبعض، فإذا لم يثبت في حق أحدهما لم يثبت في حق الآخر، ولا يشاركهما في الميراث؛ لأن الميراث فرع على النسب، والنسب لم يثبت فلم يثبت الإرث، وإن أقر أحد الاثنين بزوجة لأبيه وأنكر الآخر ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا تشارك بحصتها من حق المقر كما لا يشارك الابن إذا اختلف الوارثان في نسبه، والثانى: أنها تشارك بحصتها من حق المقر؛ لأن المقر به حقها من الإرث.

وإن مات رجل وخلف ابنين عاقلًا ومجنونًا فأقر العاقل بنسب ابن آخر لم يثبت النسب؛ لأنه لم يوجد الإقرار من جميع الورثة، فإن مات المجنون قبل الإفاقة فإن كان له وارث غير الأخ المقر قام وارثه مقامه في الإقرار، وإن لم يكن له وارث غيره ثبت النسب؛ لأنه صار جميع الورثة، فإن خلف الميت ابنين فأقر أحدهما بنسب صغير وأنكر الآخر ثم مات المنكر فهل يثبت النسب؟ فيه وجهان: أحدهما: أنه يثبت نسبه؛ لأن المقر صار جميع الورثة، والثانى: أنه لا يثبت؛ لأن تكذيب شريكه يبطل الحكم بنسبه فلم يثبت النسب كما لو أنكر الأب نسبه في حياته ثم أقر به الوارث، وإن مات رجل وخلف ابنًا وارثًا فأقر بابن آخر


(١) مغنى المحتاج: ٤/ ٤٥١.
(٢) صحيح البخارى في عدة مواضع منها: كتاب البيوع، باب تفسير الشبهات كتاب الفرائض، باب الولد للفراش … إلخ. كتاب الحدود، باب للعاهر الحجر. وهو في صحيح مسلم، في كتاب الرضاع، باب الولد للفراش وتوقى الشبهات.