للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مصطلح انفلات]

الانفلات لغة: مصدر الفعل انفلت المزيد بالهمزة والنون فأصل مادته فلت؛ وأفلت الشئ وتفلت وانفلت بمعنى واحد، والتَّفْلت والإفلات والانفلات التخلصُ من الشئ فجأة من غير تمكث. والإفلات يكون بمعنى الانفلات لازمًا وقد يكون متعديًا، يقال: أفلتُّه من الهلكة أي خلَّصته، وقد أفلت فلان من فلان وانفلت ومر بنا بعير منفلت، ولا يقال: مفلت. (١)

الانفلات عند الفقهاء: لا يكاد الفقهاء يخرجون عن المعنى اللغوى عند كلامهم عن الانفلات وما يترتب عليه من أحكام، وهو التخلص من الشئ فجأة كانفلات الدابة؛ لأنها تتخلص من صاحبها أو من عقالها فجأة، وكانفلات الصيد بتخلصه من صاحبه أو من الشبكة، والفقهاء يعبرون تارة بلفظ انفلات كما جاء عند ابن عابدين: إذا انفلتت دابة فأصابت مالا أو آدميا نهارا أو ليلا فلا ضمان في الكل (٢) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العجماء جرحها جبار" (٣) أي: العجماء المنفلتة جرحها هدر، وتارة يعبر الفقهاء بألفاظ أخرى وهم يقصدون بها الانفلات كما جاء في (المبسوط): من ركب دابة ثم سقط عنها، ثم ذهبت الدابة على وجهها، فقتلت إنسانًا لم يكن عليه شئ؛ لأنها متفلتة، والمنفلتة جرحها جبار. (٤)

[الطهارة من انفلات الريح وما أشبهه مما يوجب الطهارة]

[مذهب الحنفية]

جاء في (البحر الرائق)؛ أن من به استطلاقُ بطن أو انفلاتُ ريح يتوضأ لوقت كل فرض لا لكل صلاة، وإذا خرج الوقت بطل وضوؤه واستأنف الوضوء لصلاة أخرى، وهذا عند العلماء الثلاثة. وقال زفر: استأنفوا إذا دخل الوقت. فإن توضئوا حين تطلع الشمس أجزأهم عن فرض الوقت حتى يذهب وقتُ الظهر. وهذا عند أبى حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف وزفر: أجزاهم حتى يدخل وقت الظهر. وحاصله أن طهارة المعذور تنتقض بخروج الوقت أي عند خروج الوقت بالحدث السابق عند أبى حنيفة ومحمد، وتنتقض بدخوله فقط عند زفر، وبأيهما كان عند أبى يوسف وفى انتقاض الوضوء بنوم من به انفلات ريح. قالوا: إن من نواقض الوضوء الحكمية النومُ الذي يزيل القوة الماسكة بحيث تزول مقعدته من الأرض، وهو النوم على أحد جنبيه أو قفاه أو وجهه (٥).

وفى حكم المسح على الخفين لمن به انفلات دم أو غيره جاء في (بدائع الصنائع): أن المسح على الخفين جاز للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها، وهذا في حق الأصحاء، أما في حق أصحاب الأعذار كصاحب الجرح السائل والاستحاضة ومن بمثل حالهما فكذلك الجواب عند زفر، وأما عند أصحابنا الثلاثة فيختلف الجواب إلا في واحدة. وبيان ذلك أن صاحب العذر إذا توضأ ولبس خفيه فهذا على أربعة


(١) انظر: لسان العرب: ٧/ ٦٦، وما بعدهاء مادة (فلت).
(٢) رد المحتار على الدر المختار: ٥/ ٤٠٢ وما بعدها.
(٣) صحيح البخارى. كتاب الديات، باب المعدن جبار والبئر جبار. وصحيح مسلم؛ كتاب الحدود؛ باب جرح العجماء. والمعدن والبئر جبار.
(٤) المبسوط: ٧/ ٤١٤.
(٥) البحر الرائق: ١/ ٢٢١، وانظر: فتح القدير على الهداية: ١/ ١٢٥ وما بعدها.