للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما جهة الكعبة لغير من بمكة، سواء كان قريبا من مكة، كأهل منى، أو بعيدا، كأهل الآفاق، فيستقبل المصلى تلك الجهة بالاجتهاد.

[مذهب الشافعية]

قال الشافعية فى كتاب نهاية المحتاج (١):

استقبال عين الكعبة بصدره لا بوجهه شرط‍ لصلاة القادر على الاستقبال.

وفى المهذب (٢)، وفى استقبال القبلة قولان:

قال فى الام فرضه اصابة العين لان من لزمه فرض القبلة لزمه اصابة العين كالمكى.

وظاهر ما نقله المزنى: أن الفرض هو الجهة لانه لو كان الفرض هو العين لما صحت صلاة الصف الطويل لان فيهم من يخرج عن العين.

وان كان فى أرض مكة فان كان بينه وبين البيت حائل أصلى كالجبل، فهو كالغائب عن مكة، وان كان بينهما حائل طارئ وهو البناء ففيه وجهان.

أحدهما: أنه لا يجتهد لانه فى موضع كان فرضه الرجوع الى العين فلا يتغير فرضه بالحائل الطارئ.

والثانى: أنه يجتهد وهو ظاهر المذهب لان بينه وبين البيت حائلا يمنع المشاهدة فأشبه اذا كان بينهما جبل.

[مذهب الحنابلة]

قال الحنابلة فى كشاف القناع (٣):

الفرض فى القبلة لمن قرب منها كمن كان بمكة اصابة عين الكعبة ببدنه كله بحيث لا يخرج شئ منه عنها، لانه قادر على التوجه الى عينها قطعا، فلم يجز العدول عنه، فلو خرج ببعض بدنه عن مسامتتها لم تصح.

ولا يضره علوه عن الكعبة كما لو صلى على جبل أبى قبيس، كما لا يضر نزوله عنها كما لو صلى فى حفيرة تنزل عن مسامتتها، لان العبرة بالبقعة، لا بالجدران وذلك ان لم يتعذر على المصلى اصابة عين الكعبة ببدنه كالمصلى داخل المسجد الحرام، أو على سطحه، أو خارجه، وأمكنه ذلك بنظره، أو علمه أو خبر عالم بذلك، لان من نشأ بمكة أو أقام بها كثيرا تمكن من الامر اليقين فى ذلك ولو مع حائل حادث كالابنية.


(١) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لابن شهاب الدين الرملى مع حاشية الشبراملسى عليه ج‍ ١ ص ٤٠٦ طبع مطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة ١٣٥٧.
(٢) المهذب لأبى اسحاق الشيرازى ج‍ ١ ص ٦٧ طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.
(٣) كشاف القناع مع هامش شرح منتهى الارادات ج‍ ١ ص ٢٠٥ الطبعة السابقة.