للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والامدى فى كتابه الاحكام فى أصول الاحكام (١): لم يخرج فى ذكر هذه المراتب وتصويرها بأمثلتها عما أوردناه عن كل من الغزالى والشاطبى.

وقد تناول العز بن عبد السّلام فى كتابه قواعد الاحكام مراتب المصلحة والمفسدة باصطلاح آخر اذ قال: ان مصالح الدارين ومفاسدهما فى رتب متفاوتة فمنها ما هو أعلاها ومنها ما هو أدناها ومنها ما يتوسط‍ بينهما.

ثم قال: فكل مأمور به ففيه مصلحة الدارين أو احداهما، وكل منهى عنه ففيه مفسدة فيهما أو فى احداهما فما كان من الاكتساب محصلا لاحسن المصالح فهو أفضل الاعمال، وما كان محصلا لاقبح المفاسد فهو أرذل الاعمال فلا سعادة أصلح من العرفان والايمان وطاعة الله سبحانه، ولا شقاوة أقبح من الجهل بالله والكفر والفسوق، ويتفاوت ثواب الآخرة بتفاوت المصالح فى الاغلب وبتفاوت عقابها بتفاوت المفاسد فى الاغلب.

[أنواع المصلحة]

يقول الآمدى فى أقسام الوصف المناسب بالنظر الى اعتباره (٢) ان هذا الوصف اما أن يكون مقبولا فى نظر الشارع أولا.

وأطال فى الكلام عن المعتبر.

ثم أورد (٣) الوصف المناسب الذى لم يشهد له أصل من أصول الشريعة بالاعتبار، ولا ظهر الغاؤه فى صورة ويعبر عنه بالمناسب المرسل.

ثم أورد المناسب الذى لم يشهد له أصل بالاعتبار وظهر مع ذلك الغاؤه واعراض الشارع عنه فى صورة.

وقال: ان هذا مما اتفق على ابطاله وامتناع التمسك به، ومثل له بقول بعض العلماء لبعض الملوك لما جامع فى نهار رمضان وهو صائم يجب عليك صوم شهرين متتابعين، فلما أنكر عليه حيث لم يأمره باعتاق رقبة مع اتساع ماله قال: لو أمرته بذلك لسهل عليه واستحقر اعتاق رقبة فى قضاء شهواته، فكانت المصلحة فى ايجاب الصوم مبالغة فى زجره، فهذا وان كان مناسبا غير أنه لم يشهد له شاهد فى الشرع بالاعتبار مع ثبوت الغاية بنص الكتاب.

ثم تناول الآمدى (٤): بعد ذلك المناسب المرسل بعنوان المصالح المرسلة فذكر آراء العلماء فيه بقوله: وقد اتفق الفقهاء من الحنفية والشافعية وغيرهم على امتناع التمسك به وهو


(١) ج‍ ٣ ص ٣٩٣.
(٢) الأحكام ج‍ ٣ ص ٤٠٥.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٤١٠.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٢١٥.