للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفى الجنايات كمنع قتل النساء والصبيان والرهبان فى الجهاد.

فهذه الامور راجعة الى محاسن زائدة على أصل المصالح الضرورية والحاجية اذ ليس فقدانها بمخل بأمر ضرورى ولا حاجى، وانما جرت مجرى التحسين والتزيين.

ثم قال الشاطبى (١): لكل تكملة لها من حيث تكملة شرط‍ وهو أن لا يعود اعتبارها على الاصل بالابطال اذ فى ابطال الاصل. ابطال التكملة، ولو قدرنا أن المصلحة التكميلية تحصل مع فوت المصلحة الاصلية لكان حصول الاصلية أولى لما بينها من التفاوت.

ومثل بعدة أمثلة، منها الجهاد مع ولاة الجور اذ قال العلماء بجوازه اذ لو ترك ذلك لكان ضررا على المسلمين، فالجهاد ضرورى والوالى فيه ضرورى والعدالة فيه مكملة للضرورة، والمكمل اذا عاد للأصل بالابطال لم يعتبر، ولذلك جاء الامر بالجهاد مع ولاة الجور عن النبى صلّى الله عليه وسلّم، ومنها ما جاء بالامر بالصلاة خلف الولاة السوء فان ترك ذلك ترك سنة الجماعة، والجماعة من شعائر الدين المطلوبة، والعدالة مكملة لذلك المطلوب ولا يبطل الاصل بالتكملة «أى بسببها».

ثم قال الشاطبى (٢): المقاصد الضرورية فى الشريعة أصل للحاجية والتحسينية فلو فرض اختلال الضرورى باطلاق لا ختل كل من الحاجى والتحسينى باختلاله، ولا يلزم من اختلالهما اختلال الضرورى باطلاق.

نعم قد يلزم من اختلال التحسينى باطلاق اختلال الحاجى بوجه ما.

وقد يلزم من اختلال الحاجى باطلاق اختلال الضرورى بوجه ما.

فلذلك اذا حوفظ‍ على الضرورى فينبغى المحافظة على الحاجى.

واذا حوفظ‍ على الحاجى فينبغى أن يحافظ‍ على التحسينى.

واذا ثبت أن التحسينى يخدم الحاجى وأن الحاجى يخدم الضرورى فان الضرورى هو المطلوب.

وأطال الشاطبى (٣) فى بيان أن الضرورى أصل لما سواه من الحاجى والتكميلى وأن اختلال الضرورى يلزم منه اختلال الباقين باطلاق وأنه لا يلزم من الاختلال الحاجى والتحسينى اختلال الضرورى، وأنه قد يلزم من اختلال التحسينى باطلاق أو الحاجى باطلاق اختلال الضرورى بوجه ما، وأنه ينبغى المحافظة على الحاجى وعلى التحسينى للضرورى.


(١) الموافقات ج‍ ٢ ص ٦.
(٢) المرجع السابق ص ٨.
(٣) الموافقات ح‍ ٢ ص ٨، ١٥.