وروى عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى مثله.
ووجه قول أبى يوسف أن بينة صاحب الوقت أظهرت الملك له فى وقت خاص لا يعارضها فيه بينة مدعى الملك المطلق بيقين، بل يحتمل المعارضة وعدمها، لأن الملك المطلق لا يتعارض للوقت، فلا تثبت المعارضة بالشك.
ولهذا لو ادعى كل واحد من الخارجين على ثالث وأقام كل واحد منهما البينة أنه اشتراه من رجل واحد، ووقتت بينة أحدهما، وأطلقت الأخرى أنه يقضى لصاحب الوقت كذا هذا.
ولهما أن الملك احتمل السبق والتأخير، لأن الملك المطلق يحتمل التأخير والسبق، لجواز أن صاحب البينة المطلقة لو وقتت بينته كان وقتها أسبق، فوقع الاحتمال فى سبق الملك المؤقت فسقط اعتبار الوقت فبقى دعوى مطلق الملك فيقضى للخارج.
أما اذا كان فى دعوى ذلك سبب، وكان السبب هو النتاج، وهو الولادة فى الملك ففى دعوى النتاج من الخارج على ذى اليد لو أقام أحدهما البينة على النتاج، والآخر على الملك المطلق عن النتاج، فبينة النتاج أولى، لأنها قامت على أولية الملك لصاحبه.
وان وقتت البينتان فان اتفق الوقتان سقط اعتبارهما للتعارض فبقى دعوى الملك المطلق.
وان اختلفا بحكم سن الدابة فتقضى لصاحب الوقت الذى وافقه السن لأنه ظهر أن البينة الأخرى كاذبة بيقين.
أما اذا أشكل سن الدابة سقط اعتبار التاريخ، لأنه يحتمل أن يكون سنها موافقا لهذا الوقت، ويحتمل أن يكون موافقا لذلك الوقت، ويحتمل أن يكون مخالفا لهما جميعا، فيسقط اعتبارهما كأنهما سكتا عن التاريخ أصلا.
وان خالف سنها الوقتين جميعا سقط الوقت.
كذا ذكره فى ظاهر الرواية لأنه ظهر بطلان التوقيت فكأنهما لم يوقتا فبقيت البينتان قائمتين على مطلق الملك من غير توقيت.
[مذهب المالكية]
جاء فى الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه (١): أنه اذا تنازع الخصمان فأراد أحدهما الرفع لقاض وأراد الآخر الرفع لقاض آخر، كان القول للطالب، وهو صاحب الحق، دون المطلوب.
ثم ان لم يكن طالب مع مطلوب بأن كان كل يطالب صاحبه رفع الى قاض سبق رسوله لطلب الاتيان عنده.
والا يسبق رسول قاض بل استويا فى المجئ مع دعوى كل أنه الطالب أقرع
(١) الشرح الكبير على حاشية الدسوقى وتقريرات الشيخ محمد عليش ج ٤ ص ١٣٥ طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.