للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا فرق بين البكر والثيب، فإن لم يدع الزوج الوطء ولا وعد به ومضى زمن الاختبار فإن الحاكم حينئذ يأمره بالطلاق لزوجته إذا طلبته الزوجة أو سيدها، فإن طلقها فلا كلام. وإن امتنع طَلَّقَ عليه الحاكم بلا تلوم، فإن لم يكن حاكم فصالحو البلد يقومون مقام الحاكم. وإذا رضيت المرأة بعد حلول أجل الإيلاء بالمقام معه بلا وطء وأسقطت حقها في الفيئة ثم رجعت عن ذلك الرضا وطلبت الفراق فلها أن توقعه من غير ضرب أجل، فإما أفاء وإلا طلق؛ لأنه أمر لا صبر عليه للنساء لشدة الضرر ودوامه فكأنها أسقطت ما لم تعلم قدره (١).

[مذهب الشافعية]

جاء في (نهاية المحتاج): يُمهل المولى أربعة أشهر رفقًا به فإذا انقضت ولم يطأها فيه فللمرأة دون وليها وسيدها مطالبته بعدها بأن يرجع إلى الوطء الذي امتنع عنه بالإيلاء أو يطلق، أي أن لها إن تردد الطلب بين الفيئة والطلاق. وقد صوب الزركشى وغيره ما ذكره الرافعى تبعا لظاهر النص أنها تطالبه بالفيئة، فإن لم يفئ طالبته بالطلاق؛ لأن نفسه قد لا تسمح بالوطء ولأنه لا يجبر على الطلاق إلا بعد الامتناع عن الوطء.

ولو تركت حقها بسكوتها عن مطالبته أو بإسقاط المطالبة عنه فلها المطالبة بعده ما لم تنته مدة اليمين، لتجدد الضرر هنا كالإعسار بالنفقة، فإذا انقضت المدة وكان بالمرأة مانع من الوطء كحيض ونفاس وصوم فرض أو مرض لا يمكن معه الوطء فليس لها المطالبة بفيئة ولا طلاق؛ لأن المطالبة إنما تكون لمستحق، وهى لا تستحق الوطء لتعذره من جهتها، وإن كان فيه مانع طبيعى يضر معه الوطء ولو بنحو بطء برء طولب بالفيئة بلسانه، بأن يقول: إذا قدرت فئت؛ لأنه يندفع به إيذاؤه لها ثم إذا لم يفئ طالبته بالطلاق. أما إذا كان به مانع شرعى كإحرام لم يقرب تحلله منه وصوم فرض ولم يستمهل إلى الليل وظهار ولم يستمهل إلى الكفارة بغير الصوم فالمذهب أنه يطالب بالطلاق؛ لأنه الممكن ولا يطالب بالفيئة لحرمة الوطء، ويحرم عليها تمكينه. والطريق الثاني أنه لايطالب بالطلاق بخصوصه ولكنه يقال له: إن فئت عصيت وأفسدت عبادتك. وإن طلقت ذهبت زوجتك، وإن لم تطلق طلقنا عليك. أما إذا قرب التحلل من الإحرام أو استمهل في الصوم إلى الليل أو في الكفارة إلى العتق أو الإطعام فإنه يمهل. فإن عصى بوطء سقطت المطالبة وتأثم بتمكينه قطعًا وإن أبى عند ترافعهما إلى الحاكم الفيئة والطلاق فالأظهر أن القاضي يطلق عليه بسؤالها طلقة واحدة وإن بانت بها نيابة عنه؛ إذ لا سبيل إلى دوام ضررها ولا إجباره على الفيئة لعدم دخولها تحت الإجبار. وإن اختلف الزوجان في إيلاء أو في انقضاء مدته صدق بيمينه عملًا بالأصل وإن اعترفت بالوطء بعد المدة وأنكره سقط حقها من الطلب عملًا باعترافها ولم يقبل رجوعها عنه لاعترافها بوصولها لحقها (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء في (كشاف القناع): إذا صح الإيلاء


(١) شرح الخرشى: ٣/ ٢٣٧ - ٢٤٠.
(٢) نهاية المحتاج: ٧/ ٧٣ - ٧٦.