للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يؤمن من ذلك لقربها فهو ضامن (١).

[مذهب الشافعية]

جاء فى الاقناع ان الشافعية يفرقون فى ذلك بين الدواب التى العادة فيها أن ترسل وبين غيرها من الدواب، فاذا كانت الدواب مما يرسل فى العادة مثل الحمام وغيره من الطيور فلا ضمان بما أتلفته مطلقا كما حكاه فى أصل الروضة عن ابن الصباغ وذلك لأن العادة ارسالها (٢).

[مذهب الحنابلة]

فرق الحنابلة فى ذلك بين ارسالها نهارا أو ليلا فقد ذكر ابن ادريس الحنبلى أن الدابة المرسلة لا يضمن ربها أو مستعيرها ونحوه ما أفسدت من زرع أو شجر أو غيرهما نهارا اذا لم تكن يد أحد عليها سواء أرسلها بقرب ما تفسده أولا لما روى مالك عن الزهرى عن حزام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء دخلت حائط‍ قوم فأفسدت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الاموال حفظها بالنهار وما أفسدت فهو مضمون عليهم، قال ابن عبد البر هذا وان كان مرسلا فهو مشهور، وحدث به الأئمة الثقات وتلقاه فقهاء الحجاز بالقبول لأن العادة من أهل المواشى ارسالها نهارا للرعى وحفظها ليلا، وعادة أهل الحوائط‍ حفظها نهارا فاذا أفسدت شيئا ليلا كان من ضمان من هى بيده ان فرط‍ فى حفظها، قال القاضى هذه المسألة محمولة على المواضع التى فيها مزارع ومراعى فأما القرى العامرة التى لا مرعى فيها الا بين مراحين كساقية وطرق زرع فليس له ارسالها بغير حفظ‍ فان فعل لزمه الضمان لتفريطه (٣)، هذا واذا أرسل صيدا وقال أعتقتك لم يزل ملكه عنه كما لو أرسل البعير والبقرة ونحوهما من البهائم المملوكة فان ملكه لا يزول عنها بذلك (٤).

[مذهب الزيدية]

وفرق الزيدية بين ارسال الكلب وغير الكلب فقد جاء فى شرح الازهار ان جناية غير الكلب ليلا مضمونة على صاحب الدابة لأن الحفظ‍ فى الليل واجب عليه فقد حكم النبى صلى الله عليه وسلم على أهل البهائم بأن يحفظوها ليلا وعلى أهل الزرائع بأن يحفظوها نهارا، قال فى الانتصار وهذا بناء على أن الأغلب أن الدواب تحفظ‍ بالليل وترسل بالنهار فلو جرت العادة بخلاف ذلك فى بعض البلاد انعكس الحكم، أما جناية الكلب فى الليل فلا ضمان فيها لأنه يرسل فى الليل ليحفظ‍ ويربط‍ فى النهار فان جنى فى النهار ضمنت ولو كان غير عقور، حيث لا يعتاد ارساله فى النهار، قيل: ولو عقر بالنهار دون الليل فى


(١) التاج والاكليل للمواق ج ٦ ص ٣٢١.
(٢) الاقناع فى حل ألفاظ‍ أبى شجاع للشيخ محمد الشربينى الخطيب ج ٢ ص ٢٤٣.
(٣) كشاف القناع عن متن الاقناع لابن ادريس الحنبلى ج ٢ ص ٣٧١، ٣٧٢ الطبعة الاولى طبع مطبعة العامرة الشرفية سنة ١٣١٩ هـ‍.
(٤) المرجع السابق ج ٤ ص ١٣٤.