للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلا وصية فلا يكتب هذا الحج له ولا تسقط به حجه الإسلام إذا كان لم يؤدها حال حياته وهو يستطيع قادرا عليها. وحاصل ما ذكره الأصحاب أن من العبادات مالا يقبل الإنابة والنيابة بإجماع كالإيمان بالله تعالى ومنها ما يقبلهما كالصدقة والوفاء بالدين واختلف في العتق عن الغير كما تقدم كما اختلف في الصوم والحج والمذهب عدم قبولهما سواء في الفرض والنفل وهو المروى عن مالك والمعتمد في المذهب منع الإنابة والنيابة في الحج عن الحى مطلقا صحيحا كان أم مريضا في الفرض والنفل على السواء (١). ولا تجوز الإنابة في الطواف والسعى والوقوف بعرفة لأنها عبادات بدنية كالصلاة وكذلك رمى الجمار لا تجزئ الإنابة فيه وعلى المستنيب الدم إذا رمى النائب وإن سقط الإثم عن المستنيب فيه إذا كانت الاستنابة عن عذر ويرجع في بقية أحكام حج النائب وقيامه بما يتطلبه من المناسك إلى مصطلح نيابة في الحج أو إلى مصطلح حج.

[الإنابة في التضحية]

يندب للمضحى أن يذبح الأضحية بيده رجلا أو امرأة وكره له أن ينيب عنه لغير عذر ولكن إن أناب عنه غيره في الذبح فذبح أجزاء بعد أن يكون المستنيب قد تحققت منه النية وذلك لمعنى العبادة فيها وفى بيان بقية أحكام النائب في ذبح الأضحية يرجع إلى مصطلح نيابة في الأضحية.

[الإنابة في الشهادة]

وتعرف بشهادة النقل وهى مقبولة في الأموال وفى الحدود والولاء وتحصل الإنابة بقول الشاهد الأصلى لغيره اشهد على شهادتى بكذا أو نحو ذلك وذلك بشروط منها:

١ - الأمر بالشهادة على نحو ما ذكر أو ما يقوم مقامه من سماع الفرع الأصل فيها يؤديها عند الحاكم.

٢ - غياب الأصل إذا كان رجلا أما إذا كان الأصل امرأة فتصح مع حضورها.

٣ - وأن يكون غيابه في مكان لا يلزم الأصل الأداء معه كأن يكون بعيدا مسافة القصر وفى حكم الغياب موت الأصل أو مرضه.

٤ - وألا يطرأ على الأصل فسق أو عداوة ويرجع في معرفة باقى الأحكام إلى مصطلح شهادة (٢).

[الإنابة في الحدود]

إقامة الحدود واستيفاء القصاص إلى الإمام فذلك في ولايته وللإمام مباشرة ما كان من ولايته بنفسه وله إنابة غيره فيما يرى إسناده إلى غيره من ولايته تحقيقا عن نفسه وتوزيعا لأعماله وعلى ذلك كان له الإنابة في استيفاء القصاص وفى إقامة الحدود ويستحب له أن يختار لذلك رجلا عدلا عارفا بوجوه ذلك وأحكامه لما له في ذلك من حق وارجع في تعرف بقية الأحكام إلى مصطلح حد.

[مذهب الشافعية]

لما كانت الإنابة أعم من الوكالة فإن كل ما جازت فيه الوكالة جازت فيه الإنابة إذ ليست


(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى علية ج ٢ ص ١٣ وما بعدها، ص ١٨ ج ٣ الشرح الصغير ج ٣ ص ٢٢٢.
(٢) التبصرة جـ ٤ ص ١٩٥.