للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجوب كغيره من فروض الكفاية إذا لم يقم به غيره، وكذا يجب الأداء مع القدرة على الكفاية إجماعا سواء استدعاه أم لا على الأشهر إلا مع خوف ضرر غير مستحق على الشاهد أو بعض. المؤمنين فإن خيف ضرر مستحق كما لو كان للمشهود عليه حق على الشاهد لا يطالبه به وينشأ من شهادته المطالبة فلا يكفى ذلك في سقوط الوجوب لأنه ضرر مستحق، وإنما يجب الأداء مع ثبوت الحق بشهادته لانضمام من يتم به العدد أو حلف المدعى إن كان مما يثبت بشاهد ويمين، فلو طلب من اثنين فيما يثبت بهما لزمهما وليس لأحدهما الامتناع بناء على الاكتفاء بحلف المدعى مع الآخر، لأن من مقاصد الإشهاد التورع عن اليمين، ولو كان الشهود أزيد من اثنين فيما يثبت بهما وجب على اثنين منهما كفاية، ولو لم يكن إلا واحد لزمه الأداء إن كان مما يثبت بشاهد ويمين وإلا فلا. ولو لم يعلم صاحب الحق بشهادة الشاهد وجب عليه تعريفه إن خاف بطلان الحق بدون شهادته، ولا يقيمها الشاهد إلا مع العلم القطعى (١).

[مذهب الإباضية]

جاء في شرح النيل أنه يحسن لمن دعى إلى تحمل شهادة أن يجيب إلى تحملها إن لم تكن حراما ولم يربها كريبها بقطع شفعة مثل أن يستشهد على هبة في الأصل فتلوح له أمارة أنه أراد قطع الشفعة بها بأن يهبه بعضا ويبيع له بعضا، ومثل أن يستشهد على بيع بكذا فيريب بأمارة أنه زاد الثمن في اللفظ لقطعها، أو اتهام معامل بربا، كما إذا سمع أنه ممن يعمل الربا، أو رأى أمارة عمله أو كان ذلك في مسئلة صعبة والمعامل جاهل لا يعلمها أو ظن أنه لا يعلمها، أو معرفتك الداعى إلى تحمل الشهادة بواحد مما ذكر من قطع الشفعة أو الربا في الجملة أو أن يكون متهما لمريض أوصحيح بحيف وجور في وصية، مثل أن يستشهد على الإقرار لوارثه بحق ويتهمه بأنه زاد على حقه أو لا حق له عليه أو على الوصية لغير وارث بحق فوق الثلث ويتهمه أنه لا حق له عليه أو له حق فاتهمه بأنه زاد حتى إن الزيادة تجاوز الثلث، وإذا كان ذلك من مريض مع أنه في آخر حياته بحسب الظاهر فأولى بالمنع من الصحيح. أو إزالة إرث بهبة بأن يكون له بغض في ورثته فيجعل يهب ماله مرة بعد أخرى لئلا يبقى لهم إرث أو ليبقى لهم قليل أو أراد هبته بمرة لذلك أو هبة أكثره لذلك، أو بيع لأصل أو حيوان أو متاع ليتلف ثمنه عن الوارث، أو أن يكون اتهمه بطلاق بإضرار بأن يشهده على طلاق واتهمه في ذلك الطلاق بأنه أراد به أن لا ترثه فإنه في ذلك عاص فلا يشهد له ولو كانت ترث في قول أو نكاح بلا ولى بأن اتهمه أن يشهده الزوج على التزويج ويقول له اشهد أنى قد قبلت فلانة زوجة لى فاتهمه أن الولى لم يزوجها إياه، أو يقول الإنسان أشهد أنى زوجت فلانا من فلانة وليتى فاتهمه أنه ليس وليها، وكذا إذا عرف ذلك أو نحو ذلك مما خيف فيه إثم أو علم أن فيه إثما كهبة لولد بلا عدل بينه وبين الولد الآخر. واختلف في قول الله عز وجل: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} (٢) هل معناه النهى عن الإباء من تحملها ولا نافية بمعنى النهى أو معناه النهى عن الإباء من إقامتها إذا دعوا لإقامتها؟


(١) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد زين الدين الجبعى العاملى جـ ١ ص ٢٥٥ طبع دار الكتاب العربى بمصر.
(٢) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.