للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الابن والوصية]

قال فقهاء الحنفية: أنه لا تجوز الوصية للابن باعتباره وارثا إلا إذا أجازها الورثة (١) وإذا اقر أحد الابنين بعد قسمة التركة بينهما بوصية صادرة من أبيه بثلث ماله لفلان قال بعض الفقهاء يجب على المقر أن يدفع للموصى له نصف ما فى يده وهذا هو القياس، لأن إقراره يتضمن أن الموصى له يستحق مثله فى التركة أى لكل منهما الثلث فعليه أن يعطيه نصف ما فى يده ليكون مساويا له وقال بعض الفقهاء: عليه أن يدفع ثلث نصيبه فقط‍ وهذا استحسان، لأنه اقر له بثلث شائع فى التركة وهو فى أيديهما فيكون مقرا بثلث ما فى يده فقط‍، لأن الموصى له يستحق ثلث التركة فيكون لكل وارث مثلاه (٢) والابن لا يدخل فى الوصية الصادرة من أحد أبويه ولا فى الوقف إذا أوصى أحدهما لأقاربه أو أقربائه بثلث ماله أو وقف عليه لأن القريب عرفا من يتقرب بواسطة الغير والابن قريب بنفسه لا بغيره وقد سبقت الإشارة إلى ذلك فى تعريف الابن (٣) أما إذا أوصت الأهل لأهل بيتها وجنسها، فإن كان الابن من قوم أبيها بأن كانت تزوجت ابن عمها مثلا فإن الابن يدخل فى هذه الوصية أما إذا لم يكن ابنها من قوم أبيها أى أنها تزوجت أجنبيا عنها فإن الابن لا يدخل فى الوصية (٤).

وعدم جواز صحة الوصية للابن باعتباره وارثا (٥) هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة وابن حزم من فقهاء الظاهرية وإن اختلف هؤلاء فى جوازها إن أجازها باقى الورثة فقال بعضهم: تجوز، وقال بعضهم لا تجوز.

وأجاز فقهاء الزيدية الوصية للوارث، وقالوا: إنها مندوبة لقوله تعالى «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} (٦)» (انظر وصية).

أحكام الابن فى الميراث:

قال فقهاء الحنفية: الابن من العصبات النسبية وهو عصبة بنفسه لأن العصبة بالنفس كل ذكر لا تدخل فى نسبته إلى الميت أنثى، والعاصب بنفسه إذا انفرد أخذ جميع التركة بطريق التعصيب وإن اجتمع معه أصحاب فروض أخذ الباقى بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم وإن تعدد الأبناء يكون المال بينهم بالسوية، والابن يعصب البنت إن وجدت معه فإذا مات الميت عن ابن وبنت كان المال لهما بطريق التعصيب للذكر مثل حظ‍ الأنثيين لقوله تعالى «يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ‍ الْأُنْثَيَيْنِ» (٧) والابن لا يحجبه غيره من الميراث أصلا لا حجب حرمان ولا حجب نقصان والابن إذا تحققت فيه شروط‍ الإرث قد يحجب غيره حجب حرمان أو حجب نقصان فيحجب غيره من العصبات حجب حرمان فلا يرث أحد منهم


(١) المرجع السابق ص ٤٢٩.
(٢) الدرر وحاشيته ج‍ ٢ ص ٤٣٨.
(٣) المرجع السابق ص ٤٤٠.
(٤) المرجع السابق ص ٤٤٢.
(٥) راجع للمالكية الشرح الكبير وحاشية الدسوقى ج‍ ٤٠ ص ٤٢٧.
وللشافعية شرح جلال الدين المحلى وحاشيتى القليوبى وعميرة ج‍ ٣ ص ١٥٩.
وللحنابلة شرح منتهى الإرادات ج‍ ٢ ص ٥٤٩.
وللظاهرية المحلى ج‍ ٩ ص ٣١٦.
وللزيدية شرح الأزهار ج‍ ٤ ص ٥١٦.
(٦) سورة البقرة: ١٨٠.
(٧) سورة النساء: ١١.