للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انقطاع لبن المرضع]

[مذهب الحنفية]

جاء في (الفتاوى الهندية): رجل تزوج امرأة فولدت منه ولدًا فأرضعت ولدها ثم يبس لبنها ثم دَرَّ لها لبنٌ بعد ذلك فأرضعت صبيًا كان لهذا الصبى أن يتزوج أولاد هذا الرجل من غير المرضعة كذا في (فتاوى قاضيخان) (١). وجاء في (بدائع الصنائع): لو طلق الرجل امرأته ولها لبن من ولد كانت ولدته منه فانقضت عدتها وتزوجت بزوج آخر وهى كذلك فأرضعته صبيًا عند الثاني ينظر: إن أرضعت قبل أن تحمل من الثاني فالرضاع من الأول بالإجماع، لأن اللبن نزل من الأول فلا يرتفع حكمه بارتفاع النكاح كما لا يرتفع بالموت، وكما لو حُلِب منها لبن ثم ماتت لا يبطل حكم الرضاع من لبنها؛ كذا هذا.

وإن أرضعت بعد ما وضعت من الثاني فالرضاع من الثاني بالإجماع؛ لأن اللبن منه ظاهرًا، وإن أرضعت بعد ما حملت من الثاني قبل أن تضع فالرضاع من الأول إلى أن تضع في قول أبى حنيفة، وقال أبو يوسف: إن علم أن هذا اللبن من الثاني بأن ازداد لبنها فالرضاع من الثاني، وإن لم يعلم فالرضاع من الأول، وروى الحسن بن زياد عنه أنها إذا حبلت فاللبن للثانى. وقال محمد وزفر: الرضاع منهما جميعًا إلى أن تلد فإذا ولدت فهو من الثاني.

ووجه قول محمد أن اللبن الأول باقٍ والحمل سبب لحدوث زيادة لبن فيجتمع لبنان في ثدى واحد فتثبت الحرمة بهما بخلاف ما إذا وضعت، لأن اللبن الأول ينقطع بالوضع ظاهرًا وغالبًا فكان اللبن من الثاني فكان الرضاع منه.

ووجه قول أبى يوسف أن الحامل قد ينزل لها لبن فلما ازداد لبنها عند الحمل من الثاني دل أن الزيادة من الحمل الثاني إذ لو لم يكن لكان لا يزداد بل ينقص؛ إذ العادة أن اللبن ينقص بمضى الزمان ولا يزداد فكانت الزيادة دليلًا على أنها من الحمل الثاني لا من الأول.

ووجه رواية الحسن عنه أن العادة أن بالحمل ينقطع اللبن الأول ويحدث عنده لبن آخر، فكان الموجود عند الحمل الثاني من الحمل الثاني لا من الأول فكان الرضاع منه لا من الأول (٢).

[مذهب المالكية]

جاء في (التاج والإكليل): ويصير الطفل خاصةً ولدًا لصاحبة اللبن ولصاحبه من وطئه لانقطاع اللبن وإن بعد سنين. قال ابن الحاجب: يقدر الطفل خاصة ولدًا لصاحبة اللبن وصاحبه إن كان، فلذلك جاز أن يتزوج أخوه نسبًا أخته وأمه من الرضاع، ويعتبر صاحبه من حين الوطء.

قال بهرام: وما حصل قبل الوطء لا عبرة به.

ومن المدونة قال مالك: لو لم تلد قط وهى تحت زوج فدرت فأرضعت صبيًا قبل أن تحمل كان اللبن للفحل. قال ابن القاسم: وإن طلقها زوجها وهى ترضع ولدها منه فانقضت عدتها وتزوجت غيره ثم حملت من الثاني فأرضعت صبيًا فإنه ابن الزوج الأول والثانى، واللبن لهما جميعًا إن كان اللبن الأول لم ينقطع. وقاله ابن نافع عن مالك.


(١) الفتاوي الهندية: ١/ ٣٤٤.
(٢) بدائع الصنائع: ٤/ ١٠ بتصرف.