للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ادعاها له بطريق الوكالة أو الوصاية فاذا صدر منه اقرار بأن هذه الدار لفلان وليست ملكا له ثم ادعى ملكيتها لنفسه أو لموكله وهو شخص آخر بتاريخ سابق على الاقرار لم تسمع دعواه فى الحالين للتناقض (١) وكما يتحقق التناقض فى كلام شخص واحد يتحقق أيضا فى كلام شخصين فى حكم شخص واحد كالوكيل والموكل والوارث والمورث فلا تسمع دعوى الوارث فى شئ لا تسمع فيه دعوى المورث لو كان حيا ولا تسمع دعوى الوكيل فى شئ لا تسمع فيه دعوى موكله.

[ما يغتفر فيه التناقض]

يغتفر التناقض اذا كان فيما يظهر فيه معذرة المدعى وكان فى محل خفاء ومن أمثلة ذلك ما اذا ادعت امرأة أنها زوجة زيد وأنها باقية على عصمته الى الآن وطالبته بالنفقة ثم ادعت عليه الطلاق البائن بتاريخ سابق على دعوى النفقة فمثل هذا التناقض مغتفر لأن الطلاق مما ينفرد به الزوج ولا يشترط‍ لوقوعه علم الزوجة واذا بلغ القاصر فأبرأ وصية من كل حق ودعوى ثم ادعى عليه شيئا بعد ذلك قال انه لم يكن يعلمه قبلت دعواه لأن الوارث لا يحيط‍ علما قبل ما يتركه مورثه فيعذر فى ابرائه السابق وكذلك إذا أقر الوصى أنه استوفى جميع ما كان للمتوفى على الناس ثم ادعى على رجل دينا للمتوفى سمعت دعواه اذ الوصى لا يحيط‍ بكل دين للمتوفى ولأن هذا الاقرار لم يترتب عليه ثبوت حق لأحد. وكذلك الحكم اذا صدر مثل هذا الاقرار من الوارث ثم ادعى دينا لمورثه على أحد من الناس وكذلك اذا قال شخص لمجهول النسب ليس هذا ابنى ثم ادعى أنه ابنه قبلت دعواه لكون النسب مما يخفى والفروع فى هذا كثيرة. وجاء فى جامع الفصولين أن التناقض كما يمنع الدعوى لمن تناقض مع نفسه يمنعه من الدعوى لغيره فمن أقر بعين لغيره لم يملك أن يدعيها لنفسه ولا أن يدعيها لغير من أقر له بوكالة أو وصاية ولكن لو ادعاها لنفسه ثم ادعاها لغيره بوكالة تسمع اذ لا منافاة بين الدعويين اذأن وكيل الخصومة قد يضيف الملك الى نفسه على معنى أنه له حق المطالبة ولكن لو ادعاه لغيره بوكالة ثم ادعاه لنفسه لا تسمع لأنه لا يضيف ملكه الى غيره عند الخصومة ولو أن عينا بيد رجل وهو يقول ليست لى حين يدعيها آخر يكون ذلك اقرارا بالملك له حتى لو ادعاها لنفسه لا تقبل. والحاصل أن قول ذى اليد ليس هذا لى عند وجود المنازع اقرار بالملك له فى رواية وفى رواية لا وعند عدم المنازع لا يصح هذا الاقرار حتى لو ادعاه أحد فقال ذو اليد هو لى صحت دعوى ذى اليد (٢) وجاء فيه أيضا: ادعى ارثا وقال لا وارث لمورثى غيرى ثم ادعى أن معه وارثا آخر تسمع دعواه اذ التناقض على نفسه لا وارث لمورثى غيرى ثم ادعى أن معه وارثا المال لنفسه ثم ادعى بعضه فقد ادعى أنقص من الأول فتسمع ولو قال أنا وارث فلان


(١) جامع الفصولين ح‍ ١ ص ٩٠.
(٢) المرجع السابق والصفحة السابقة.