كذا ثم يدعى بعد ذلك ملكيتها لنفسه ورثها عن أبيه أو ملكيتها لغيره.
ويشترط لتحققه أن يكون الكلامان المتناقضان قد حصلا فى مجلس القضاء ولو فى زمانين مختلفين سواء أكانا بحضرة قاض واحد أم أكثر أو أن يكون ثانيهما قد حصل فى مجلس القاضى والأول فى غير مجلسه ولكن شهدت به الشهود أمام قاض كما لو أقر بأنه لا حق له قبل زيد ثم ادعى عليه حقا بتاريخ سابق على الابراء ففى هذه الحال يكون لزيد أن يدفع دعواه قبل المقر بابرائه السابق وأن يكون الكلام الأول مثبتا حقا لشخص معين فان لم يكن كذلك لم يكن هناك تناقض معتبر مانع من الادعاء وذلك كأن يقول المدعى لا حق لى على أحد من أهل القاهرة ثم يدعى بعد ذلك حقا على أحدهم أو أن يقول ذو اليد فيما هو تحت يده وليس هذا ملكا لى ولا منازع له فيه حين قال ذلك ثم ادعاه عليه مدع فقال هو ملكى فمثل هذا التناقض لا يمنع من سماع الدعوى لأن قوله ليس ملكى لم يثبت لأحد حقا لأن الاقرار لمجهول باطل. أما لو كان لذى اليد منازع يدعيه حين قال ذلك ثم قال بعد ذلك هو ملكى كان تناقضا مانعا من سماع الدعوى لأن اقراره هذا فى هذه الحال يعد اقرارا بالملك للمنازع على رواية الجامع الصغير أما على رواية الأصل فلا يعد اقرارا له بالملك وعلى ذلك فلا يكون فى المسألة تناقض مانع من سماع الدعوى.
واذا وجد التناقض بين الدعوى وبين ما سبقها من قول أو فعل منع من صحتها وسماعها الا اذا كان الموضع موضع خفاء أو وجد ما يرفعه وعلى ذلك اذا أراد أن يشترى عينا ثم ادعى بعد ذلك أنها ملكه من قبل المساومة لم تسمع دعواه الملك للتناقض لأن طلبه الشراء اقرار منه ضمنا بأن العين ليست ملكا له. ولكن اذا ادعى ملكيتها بسبب بعد المساومة لم يكن ذلك تناقضا لامكان التوفيق بين الأمرين وهذا الامكان يكفى لرفع التناقض فى أحد قولين. واذا ادعى شخص على آخر دينا فطلب منه امهاله فى الاداء حتى اذا حل الاجل زعم أنه لم يكن مدينا لم يقبل منه ذلك للتناقض. واذا طلب شخص آخر بالنفقة زاعما أنه أخوه مثلا فقال المدعى عليه لست بأخى ثم مات المدعى عن تركة فجاء المدعى عليه مدعيا يطلب ميراثه منها لم تسمع دعواه للتناقض. ولكن اذا كانت المسألة بحالها وأسس طالب النفقة دعواه على أنه أب أو ابن للمدعى عليه قبلت دعوى الارث مع سبق انكاره الأبوة أو البنوة ولعل الفرق بين المسألتين فى الحكم أن النسب مما يخفى فيغتفر فيه التناقض وأن ادعاء الأبوة والبنوة لا يشترط فى سماعه أن يكون ضمن حق بل يقبل مجردا.
والتناقض فى الدعوى كما يمنع سماعها بالنسبة الى المدعى يمنع صحتها كذلك.