للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم جبر بعد المالك أب رشيد، والا يكن رشيدا بل كان سفيها فالذى يجبرها وليه، والمختار أن عدم الرشد هنا فقد التمييز، وجبر الأب المجنونة المطيقة ولو ثيبا أو ولدت الأولاد، لا من تفيق فتنتظر افاقتها ان كانت ثيبا بالغا، فاذا أفاقت فلا تزوج الا برضاها. وأما اذا كانت بكرا فانه يجبرها ولو كانت عانسا، ولا تنتظر افاقتها لو كانت مجنونة تفيق أحيانا، الا اذا زوجها لذى عاهة كخصى. وما ذكر من جبر البكر ولو عانسا هو المشهور، خلافا لابن وهب حيث قال: للأب جبر البكر ما لم تكن عانسا، لأنها لما عنست صارت كالثيب. ومنشأ الخلاف هو: هل العلة فى الجبر البكارة.

وهى موجودة. أو الجهل بمصالح النساء.

وهى مفقودة. ويجبر الثيب ولو بنكاح صحيح ان صغرت أو كبرت بأن كبرت وثيبت بعارض كوثبة أو ضربة أو بحرام:

زنا أو غصب ولا يجبر بكرا رشدت بعد البلوغ. بأن قال لها: رشدتك، أو أطلقت يدك، أو رفعت الحرج عنك، أو نحو ذلك ثم لا جبر لأحد من الأولياء لأنثى ولو بكرا يتيمة تحت حجره بعد السيد فى تزويج الأمة، وبعد الأب ووصيه فى تزويج الحرة وحيث لا يوجد من له ولاية الاجبار فتزوج بأذنها. فان كانت بكرا كفى صمتها، الا ما استثنى. وان كانت ثيبا أعربت عن نفسها والذى استثنى هو البكر التى رشدت فلا بد من نطقها بأنها راضية بذلك الزوج والصداق وبكر مجبرة عضلت: أى منعها أبوها من الزواج فرفعت أمرها للحاكم فزوجها هو.

أو بكر زوجت بعرض من عروض التجارة وهى من قوم لا يزوجون به، وذلك اذا كانت غير مجبرة بأن كانت يتيمة لا أب لها ولا وصى ينظر فى حالها. وبكر زوجت برقيق، أو زوجت بزوج ذى عيب، أو بكر غير مجبرة افتيت عليها، بأن تعدى عليها الولى غير المجبر فعقد عليها بغير اذنها ثم وصلها الخبر فرضيت بذلك، فلا بد من رضاها بالقول، ولا يكفى الصمت.

[مذهب الشافعية]

فانهم ذهبوا الى أن البكر تزوج بدون اذنها ولو كانت بالغة اذا كان المزوج أبا أو جدا لأب، فقد جاء فى المنهاج وشرحه مغنى المحتاج (١) وللأب تزويج بنته البكر: صغيرة أو كبيرة، عاقلة أو مجنونة بغير اذنها لخبر الدارقطنى: (الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يزوجها أبوها)، ورواية مسلمة: (البكر يستأمرها أبوها) حملت على الندب. ولكن يشترط‍ لصحة تزويج الأب لها بغير اذنها شروط‍، هى: ألا يكون بينه وبينها عداوة ظاهرة، وأن يكون الزوج كفئا، وان يكون موسرا بمال الصداق، والتى تجبر يستحب استئذانها.

واذن البكر البالغة العاقلة اذا استؤذنت فى تزويجها من كفء أو غيره يكفى فيه صمتها فى الأصح لما روى مسلم: (والبكر تستأمر واذنها سكوتها). والرأى الثانى: لا بد من النطق كما فى الثيب. ومحل الخلاف فى تزويج غير المجبر. أما هو فالسكوت كاف قطعا. أما الثيب البالغة العاقلة فتزوج بصريح


(١) ح‍ ٣ ص ١٤٩، ١٥٠.