بنت على بن أبى طالب ماتت هي وولدها زيد بن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنهما فصلى عليهما دفعة واحدة. وجعل الغلام مما يلى الإمام وفى القوم جماعة من كبار الصحابة رضى الله تعالى عنهم أجمعين فقالوا: هذا هو السنة.
[مذهب الحنابلة]
جاء في كشاف القناع (١): أن الأولى بالصلاة على الميت إماما وصيه العدل لإجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم فإنهم ما زالو يوصون بذلك ويقدمون الوصى. فقد أوصى أبو بكر رضى الله تعالى عنه أن يصلى عليه عمر وأوصى عمر أن يصلى عليه صهيب وأوصت أم سلمة أن يصلى عليها سعيد بن زيد وأوصى أبو بكرة أن يصلى عليه أبو برزة. حكى ذلك كله أحمد وزاد أن عائشة رضى الله تعالى عنها أوصت أن يصلى علمها أبو هريرة وأن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أوصى أن يصلى عليه الزبير ولأنها ولاية تستفاد بالنسب فصح الإِيصاء بها كالمال وتفرقته فإن كان الوصى فاسقا لم تصح الوصية إليه ثم بعد الوصى السلطان لعموم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه" الحديث. رواه مسلم وغيره ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاءه من بعده كانوا يصلون على الموتى ولم ينقل عن أحد منهم أنه استأذن العصبة وعن أبى حازم قال شهدت حسينا حين مات الحسن وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص أمير المدينة وهو يقول لولا السنة ما قدمتك وهذا يقتضى أنها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأنها صلاة يسن لها الاجتماع فإذا أحضرها السلطان كان أولى بالتقديم كالجمع والأعياد ثم نائبه الأمير أي أمير بلد الميت إن حضر ثم الحاكم وهو القاضي لكن السيد أولى برفيقه بالصلاة عليه إماما من السلطان ونوابه لأنه مالكه ثم بعد السلطان ونوابه الأولى بالصلاة على الحر أقرب العصبة يعنى الأب ثم الجد وإن علا ثم الابن ثم ابنه وإن نزل ثم الأخ لأبوين ثم لأب وهكذا كالميراث ثم ذوو أرحامه الأقرب فالأقرب كالغسل ثم الزوج ثم الأجانب ومع التساوى كابنين أو أخوين أو عمين يقدم الأولى بالإِمامة فإن استووا في الصفات بحيث لا أولوية لأحدهم على الآخر في الإِمامة أقرع كالأذن ويقدم الحر البعيد كالعم على العبد القريب كالأخ العبد لأنه غير وارث ويقدم العبد المكلف على الصبى الحر لأنه لا تصح إمامته للبالغين وعلى المرأة لأنه لا تصح إمامتها للرجال وهذا التقديم واجب، فإن اجتمع أولياء موتى قدم منهم الأولى بالإِمامة كغيرها من الصلوات ثم إن تساووا في ذلك فقرعة لعدم المرجح، ولولى كل ميت أن ينفرد بصلاته على ميته إن أمن فسادا لعدم المحظور ومن قدمه ولى فهو بمنزلته إن كان أهلا للإِمامة كولاية النكاح. قال أبو المعالى: فإن غاب الأقرب بمكان تفوت الصلاة بحضوره تحولت للأبعد أي فله منع من قدم بوكالة ورسالة لأنه إذا أقام الولى شخصا مكانه ثم غاب الغيبة المذكورة سقط حقه وتحولت الولاية للأبعد فسقط حق الوكيل تبعا لأصله، فإن صلى أجنبى بغير إذن الولى أو صلى البعيد بغير إذن القريب صح لأن مقصود الصلاة الدعاء للميت وقد حصل وليس فيها كبير افتيات تشح بها الأنفس عادة بخلاف ولاية النكاح فإن صلى الولى
(١) انظر كتاب كشاف القناع على متن الإقناع لأبى منصور بن إدريس الحنبلى وبهامشه منتهى الإرادات للعالم الإمام الشيخ منصور بن يونس الدسوقى جـ ١ ص ٣٩٣ وما بعدها طبع مطابع المطبعة العامرة الشرفية بمصر سنة ١٣١٩ هـ الطبعة الأولى، وانظر كتاب الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل لأبى النجا شرف الدين موسى الحجاوى المقدسى جـ ١ ص ٤٢٣ وما بعدها طبع مطابع المطبعة المصرية بالأزهر لصاحبها مصطفى محمد سنة ١٣٥١ هـ.