للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلّى الله عليه وسلّم صلوا كما رأيتمونى أصلى والاقتداء به واجب (١).

[مذهب الإباضية]

قال صاحب الايضاح قال أبو محمد رحمه الله تعالى: اختلف أصحابنا رحمهم الله تعالى فى صلاة الجمعة خلف الجبابرة. فقال بعضهم - وهم الأقل - لا تجوز معهم، وحجتهم فى ذلك أن الجمعة وجبت فى الأصل مع الامام العادل باتفاق الأمة وهى واجبة مع الامام العادل بالاجماع على ذلك، واختلفوا فى لزومها مع غير العادل وقالوا لا نوجبها الا حيث أوجبها بالاجماع ولا دليل لنا على وجوبها مع غير العادل.

وقال الباقون: الجمعة تجب مع العادل ومع غير العادل لأن فرضها واجب لأمر الله تعالى فى قوله «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ} (٢)» وهذا أمر عام فلا يزول فرضها الا بالاجماع، ولم يكن فى الأمر عادل ولا غير عادل، وهذا القول الأخير عندى أشبه القولين وأقربهما فى الحجة.

وقال أبو الحوارى رحمه الله تعالى: تجوز صلاة الجمعة خلف الجبابرة فى الأمصار التى مصرها أبو حفص عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه ولا تجوز فى غيرها، والذى عليه نحن ومضى عليه أسلافنا أنه لا بأس بالصلاة خلف أئمة قومنا اذا أقاموا الصلاة لوقتها.

وقد كان جابر بن زيد رحمه الله تعالى يصلى الجمعة خلف الحجاج وقيل أن جابر صلى بالايماء يوم الجمعة والحجاج يخطب الى أن فات الناس الوقت.

وقال جابر: اليوم ينفع كل ذى علم علمه (٣) ومن شروط‍ الجمعة الوقت والأذان والخطبة أما الوقت فوقتها هو الزوال لأنها لما كانت بدلا من الظهر كان وقتها وقت الظهر الذى هى بدل منه فان كانت الخطبة قبل الزوال والصلاة بعده.

قال الشيخ أبو بكر رحمه الله تعالى لا تجوز الخطبة والصلاة الا بعد الزوال (٤) والخطبة من شروط‍ صحة الصلاة للجمعة واذا لم تكن خطبة لم تكن جمعة وصلوا أربعا ولم تكن بدلا من الركعتين كما قال بعض مخالفينا لأن المصلى يستقبل القبلة بالاجماع والخطيب يستدبرها وكذلك من فاتته الخطبة كان مدركا للجمعة ولم يبدل شيئا.

وقال قوم المقصود بالخطبة الموعظة المقصودة من سائر الخطب وهى ليست من شروط‍ الصلاة وعلى هذا القول فان صلى الامام ركعتين من غير خطبة فلا اعادة عليه والقول الأول أصح وعليه العمل (٥) والخطيب يوم الجمعة اذا تكلم بما لا ينبغى له أن يتكلم به فسدت صلاته لنفسه وصلاة من صلى خلفه ان كان هو الامام بالقوم والا فسدت صلاته لنفسه دون غيره (٦) واختلف أصحابنا رحمهم الله تعالى فى حكم الكلام لمن يحضر الجمعة والامام يخطب قال بعضهم تفسد صلاته ويأمرونه بالخروج من المسجد ثم يدخل من باب آخر فيكون حكمه كحكم من دخل معهم فى ذلك الوقت وفاته ما كان يستحقه من الثواب بالسبق الذى أفسده بالكلام كما فات من دخل مع توالى السابقين اليها بالعدد.

وقال بعضهم من تكلم بما يقرب الى الله


(١) المرجع السابق ص ٢٥٠ مسألة رقم ٤٧
(٢) الآية رقم ٩ من سورة الجمعه
(٣) الايضاح ج ١ ص ٦٠٥
(٤) المرجع السابق ج ١ ص ٦٠٩
(٥) المرجع السابق ج ١ ص ٦١٠، ص ٦١١
(٦) المرجع السابق ج ١ ص ٦١٣